ما ينبغي على الآباء مراعاته في تربية الأبناء

علينا أثناء تربية الأولاد أن نعدل بين الأولاد؛ فإن عدم العدل يسبب فساداً في البيت، فلا نقول العدل بين البنين والبنات فإن هذا أصل لابد منه أيضاً، إنما نقول العدل بين الأبناء وبعضهم البعض.

جاء بشير بن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! إني نحلت ابني هذا نحلة -يعني: وهبته هبة- وجئت أشهدك يا رسول الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألك ولد غيره؟ قال: نعم يا رسول الله! قال: وكل ولدك أعطيته مثل هذا؟ قال: لا يا رسول الله! قال: ارجع فإني لا أشهد على جور)، فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، واعلموا أن عدم العدل يسبب فساداً بين الأولاد.

والعدل يكون في كل شيء حتى في المحبة القلبية؛ إذا أبرزتها حدث فساد بين الأولاد، وإن كانت المحبة القلبية لا يملكها شخص لكن يحاول جاهداً أن يضبطها أمام الأولاد، ألا ترى أن إخوة يوسف قالوا: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف:8 - 9]، ما هو الحامل لهم على قتل يوسف؟ ليس كما قال بعض المفسرين: إن يوسف قص الرؤيا عليهم، الرؤيا التي رآها؛ {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف:4]، لذا فخططوا لقتله، فقد تقلد هذا القول بعض المفسرين وهو قولٌ ليس عليه دليل، إنما الدليل الصريح هو ما ذكروه {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [يوسف:8] ثم اتجه تخطيطهم للاغتيال: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف:9] لا تكن في البيت يا عبد الله! سيء الأخلاق، تخال أنك إذا سببت زوجتك وابنك وابنتك فإنك ستجني عاقبة ذلك ولو بعد حين، حتى المرأة إذا سبت ابنتها فإن ابنتها سوف تتعلم هذه الأخلاق، ثم ما تلبث أن تتزوج فإذا تزوجت اتبعت مع زوجها الأسلوب الذي اتبعته أمها مع أبيها، لكن الزوج الجديد له خصال أخرى، فلا تلبث إلا يسيراً وتطلق وترجع إلى أمها البذيئة فتجني عاقبة ووبال أمرها.

فلا تجعل في البيت صخباً ولا سباباً ولا إثماً فالأولاد يتعلمون منك، ويلقطون الخصال الطيبة أو السيئة منك، فليكن الأب حتى إن دبت بينه وبين زوجته مشكلة متأنياً متأدباً بآداب الإسلام مراعياً لأولاده، فلا يحطم نفسيات الأم أمام الأطفال، ولا يظهر المشاكل أمامهم، وإذا أراد أن يعاتبها فليأخذ زوجته في مكان بعيداً عن الأطفال وليعاتب بعيداً عنهم، حتى لا تدمر نفسيات الأطفال، فإذا سمع مقالات سيئة من أمهم أو أبيهم فإنهم يتعدون على ذلك.

الشاهد: أن الأخلاق الطيبة في البيت من الأبوين تنعكس على الأولاد والبنات.

وينبغي أن لا تفرق بين البنين والبنات في التعامل كالجهلة الذين يطعمون البنين أولاً ثم يتركون الفتات للبنات، فالله يقول: {آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا} [النساء:11] لا تدري هل البنت أنفع لك في دنياك وأخراك، أو الولد أنفع لك في دنياك وفي أخراك؟! وبالجملة فكن ودوداً مع ابنك، واجعله يعرف قدرك، ويعرف أنك أب بأسلوبٍ طيب مهذب، واسمع إلى مشاكله أحياناً وله حدودٌ لا يرتقي فوقها، فلا تمرنه على رفع الصوت على أمه، بل اضبطه وازجره عن رفع الصوت على أمه، وكن دائماً متبعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الباب.

وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015