ومنها: ألا تأخذ شيئاً من أخيك عن غير طيب نفس منه، فلا يبارك لك فيه: أخرج البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه قال: (أتينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله) أي: نطلب منه أن يحملنا للجهاد على إبل الصدقة أو على خيل نجاهد عليها في سبيل الله، وهو في معنى قوله تعالى: {وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ} [التوبة:92].
الشاهد: (أتينا إلى رسول الله نستحمله فقال: والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه، فانطلقنا، فأتي إلى رسول الله بخيل فدعانا وأعطانا خيولاً أو إبلاً نركب عليها للقتال فانصرفنا، فقلنا في طريقنا: استغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه) يعني: أخذنا من الرسول الخيل وكان قد أقسم أنه لا يبارك لنا في هذه الخيل فقالوا: (نرجع إلى رسول الله).
الشاهد: أن الصحابة تورعوا عن أن يكونوا قد أخذوا شيئاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم على حين غفلة، أو على حين غرة، فكذلك لا تفعل مع إخوانك، فلا تستغفل أخاك حتى تأخذ منه حقاً ليس لك، أو شيئاً بغير طيب نفس منه.
(فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! إنك أقسمت ألا تحملنا ثم حملتنا.
فقال عليه الصلاة والسلام: إني والله ما حملتكم والله حملكم، وإني والله لا أحلف يميناً فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير).
فحينئذٍ تأكدوا أنهم لم يستغفلوا النبي صلى الله عليه وسلم، وكل هذا رجاء أن يبارك لهم في هذا العطاء، ولذلك نجد أن من أخذ شيئاً من أخيه بنفس غير طيبة، أو عن شك أو ريبة في طيبة نفسه بذلك الشيء، نجده في قلق دائم، ولا يبارك له في هذا الشيء والمقدر سيكون، ولا يظن أحدنا أن ملازمة الورع تنقص الرزق، فهذا خطأ بين، فلا يحمل أحدنا استبطاء الرزق على أن يستغفل الناس أو أن ينال الزرق بمعصية الله سبحانه.
والحقيقة أيها الأحبة! أن الموضوع طويل ولكن نكتفي بهذا القدر، وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.