وتأتي فضيلة هذه العشر لأنها: أولاً: في الأشهر الحرم، فذو الحجة من الأشهر الحرم.
ثم هي الأيام المعلومات {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج:28].
ثم فيها حديث الرسول: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا أن يخرج أحدكم بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).
ثم فيها يوم عرفة أفضل يوم، ثم فيها يوم الحج الأكبر، وأنتم على مشارفه، فلنكثر ذكر الله عز وجل.
من كان له حزب من الاستغفار فليكثر منه، كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر الله في اليوم مائة مرة، فمن كان له حزب من الاستغفار فليكثر منه، ومن كان له حزب من التلاوة فليكثر منه، ومن كان له حزب من قيام الليل فليكثر منه.
وهل يصوم الرجل؟ أو لا يصوم؟ تقدمت الإجابة على مثل هذا بما حاصله أن للعلماء قولين، أو أن في الباب حديثين: أحدهما حديث عائشة: (ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قط).
والثاني: حديث هنيدة بن خالد واختلف عليه، فرواه مرة عن امرأته عن بعض أزواج النبي، ومرة عن أمه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة عن حفصة كل رواياته فيها: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم التسع الأول من ذي الحجة).
فبعض العلماء يقول: المثبت مقدم على النافي، أو أنه عليه الصلاة والسلام كان يصومها سنوات، ولا يصومها سنوات أخرى.
وقول آخر من الأقوال: إنها تندرج -أي صيامها- تحت الأعمال الصالحة في حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام) وكما أسلفنا أن ابن عمر وأبا هريرة ورد عنهما من طريق معلقة عند البخاري كانا يخرجان إلى السوق فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
كذلك هل يشرع الإكثار من الصدقات في هذه الأيام؟ من رأى تعميم القول في تفسير العمل الصالح قال: ينبغي أن يكثر من التصدق في هذه الأيام، فالصدقة محمودة على كل حال كما ورد ذلك في الكتاب العزيز، وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وكذلك هل يدخل الإصلاح بين الناس في هذه الأعمال الصالحة؟ قال بذلك كثيرون من أهل العلم.