عظم ذنب من أشرك بالله في حرم الله

{حُنَفَاءَ لِلَّهِ} [الحج:31]: حنفاء عن الشرك مائلين إلى الله، فمعنى: (حنفاء): مائلين عن الشرك.

والحنيف: هو المائل.

وجاء المثل عند العرب: والله لولا حنف في رجله ما كان في صبيانكم من مثله، تعني رجله معوجة قليلاً لكنه ذكي ولبيب، فالأطفال يسخرون منه، والنساء يسخرن منه فقالت امرأته: والله لولا حنف في رجله ما كان في صبيانكم من مثله.

فالشاهد أن الحنيف: هو المائل عن الشرك المتجه إلى التوحيد.

{حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ} [الحج:31] وخاصة في مواسم الحج، فإنه لا يليق بك أن تتجه لغير الله، وعجباً من قوم يقولون: مدد يا بدوي.

ويذهبون للحج، يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، وهم يشركون بالله، ويتخذون البدوي معيناً وممداً لهم، وبعضهم يقول: مدد يا حسين، لذلك تكررت الآيات التي تنهى عن الشرك في ثنايا أبواب الحج.

فكذاب أشر الذي يقول: لبيك لا شريك لك لبيك، وفي نفس الوقت يقول: مدد يا بدوي ومدد يا حسن ومدد يا حسين ويا حسين اشف لي ولدي إلى غير ذلك، هل كان الخليل إبراهيم يقول: يا بدوي اشف لي ولدي، كلا بل قال: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [الشعراء:80 - 81].

ومصير المشرك ما ذكره الله تعالى: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:31] كما قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في المسند بإسناد صحيح من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، وذكر احتضار العبد الكافر، (تنزل إليه ملائكة سود الوجوه، يأتونه ويأخذون روحه ويصعدون بها إلى السماء، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة عرفت على وجه الأرض، فلا يمرون بملأ من أهل السماء إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة، فيقولون: روح فلان ابن فلان.

بأقبح أسمائه، فيصعدون بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون، فلا تفتح له أبواب السماء، فتسقط تلك الروح من السماء إلى الأرض السابعة السفلى، ثم تلا عليه الصلاة والسلام: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج:31]).

{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32] وشعائر الله بصفة عامة هي: أعمال الدين الظاهرة كما قدمنا، فرمي الجمار من شعائر الله، والصلاة من شعائر الله، واللحية من شعائر الله، والسعي بين الصفا والمروة من شعائر الله، والطواف بالبيت من شعائر الله، وكل أعلام الدين الظاهرة تكون من شعائر الله، والنحر من شعائر الله، والذبح من شعائر الله، والحلق من شعائر الله، والتقصير من شعائر الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015