ومن حسن العهد أيضاً ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أصدقاء خديجة ومع أقارب خديجة.
كانت خديجة أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكانت من أحب الناس إليه صلوات الله وسلامه عليه، وكانت تواسيه بكلماتها الطيبة في أول بعثته، كقولها: (والله لا يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتنصر المظلوم، وتعين على نوائب الحق)، وقدمت له أموالها مواساة ومؤازرة منها، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها.
وبعد أن ماتت كان يكثر من الدعاء لها، وكان كلما ذبح ذبيحة من الذبائح أرسل إلى أصدقاء خديجة من هذه الذبيحة، وكان يتعاهد أصدقاء خديجة بالهدايا والعطايا، وكانت هالة بنت خويلد أخت خديجة رضي الله عنها كلما جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذن، ارتاح لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقابلها بحفاوة بالغة وقال: (اللهم هالة).
غارت أم المؤمنين عائشة من ذلك، فقالت: (وما تذكر يا رسول الله! من عجوز حمراء الشدقين -أي: قد تساقطت أسنانها فأصبح مكان الأسنان حمرة- هلكت في غابر الدهر، أبدلك الله خيراً منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله رزقني حبها) وفي روايات أخرى (واستني بمالها، وواستني وواستني وفعلت وفعلت) فهذا من حسن عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وفعله المعروف بأصدقاء خديجة رضي الله عنها.