أما الأموات فغيبتهم أشد من ثلاثة وجوه أو أربعة: أولها: أنهم مسلمون وإخوة لنا، لأن أخوة الإيمان لا تنقطع بالموت فإن الله يقول: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر:10]، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام: (وددت أن أرى إخوة لنا، قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟! قال: أنتم أصحابي، إخواني الذين يأتون من بعدي) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
فأخوة الإيمان لا تنقطع بالموت، فللميت حرمة، وحرمته ميتاً كحرمته حياً، وكسر عظمه ميتاً ككسر عظمه حياً، هذا أول شيء.
الشيء الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) فرب ميت تقوم بسبه وقد حط رحله في الجنة، قد رضي الله عنه وتجاوز عن سيئاته، وعفى له عما كان من سوء صنيعه واستقر في الجنة، وأنت فيما أنت فيه من هم وبلاء ونكد وشقاء.
ثالثاً: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء).
فلهذه القرائن المجتمعة: لا يسب الأموات، ولا يخاض في أعراضهم.