وقوله تعالى: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة:187]، أما التوبة فهي الرجوع إلى الله، فتوبوا إلى الله: ارجعوا إلى الله، أما العفو: فهو ترك المؤاخذة بالذنب، أما الصفح: فهو إزالة أثر الذنب من القلب.
فمثلاً: رجلٌ شتمك، إذا عفوت عنه لا تشتمه كما شتمك، إذا صفحت عنه تزيل أثر هذه المسبة من قلبك، كما فعل أحد السلف مع جارية أتت إليه بطعام، فلما أتت إليه بطعام كان فيه مرق، وعنده أضياف فأتت مسرعةً فسقط المرق على صاحب البيت أو على الأرض، فأراد سيدها أن يلطمها، فقالت له: إن الله يقول: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ}، فقال: كظمت غيظي، فخشيت أن يعاقبها فيما بعد، فقالت: ويقول: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ}، قال: عفوت عنك، قالت: ويقول: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران:134]، قال: اذهبي فأنت حرة لوجه الله، فالصفح محو أثر الذنب.