وهل يشرع للرجل وللمرأة أن يقرأان من المصحف؟ يجوّز الجمهور ذلك؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يحمل أمامة في الصلاة، فحمل المصحف من باب أولى؛ ولأن ذكوان مولى عائشة كان يؤمها من المصحف، فعلى رأي الجمهور، يجوز أن تقرأ -أيها الإمام- من المصحف، أما العبث الذي يحدث وهو أن المأموم يحمل مصحفاً ويتابع الإمام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوماً لأصحابه: (ما لي أنازع! لعلكم تقرءون بعدي؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن)، فهذه المنازعة لا تشرع، وليس فيها كبير فائدة ولا كبير معنى، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)، وهذا دليل يشجع على حضور الجماعات، وإن كان التأخير إلى الثلث الأخير من الليل أفضل لمن أطاق ذلك؛ وذلك لقول أمير المؤمنين عمر لما رأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلون مجتمعين: نعمت البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل؛ بل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإن صلاة آخر الليل مشهودة محضورة، فينزل ربنا إلى السماء الدنيا إذا كان الثلث الأخير من الليل، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه).