السبب الرابع بإيجاز: عدم معرفة غالب المسلمين بقدراتهم وطاقاتهم وإمكانياتهم.
وهذا سبب خطير جداً قد لا يفطن إليه كثير من أحبابنا.
المسلمون دائماً يقللون من قدراتهم وطاقاتهم وإمكانياتهم، مع أن الله قد حبا المسلمين طاقات هائلة جبارة، وأنتم يا إخوة قد لا تعرفون طبيعة هذه البيئة التي يعيش فيها المسلمون إلا إذا سافرتم إلى بلاد الغرب، يعني: أخفف عليكم حدة المنهجية في المحاضرة قليلاً، دعينا مرة لمؤتمر في طورنتو في كندا وبعدها عاملين فيها، يعني مشايخ، وجاء وقت الفجر وذهبنا نصلي في المركز الإسلامي بدون سيارة، قلنا: نتمشى، والله يا إخوة ما إن خطونا خطوة واحدة وتعدينا الثانية إلا كل أخ من المشايخ الذين معنا من السعودية كل واحد أمسك أنفه يظن أنها وقعت، يبحث عن أنفه هل هي موجودة أم قد وقعت، وبعدها دخلنا قلنا: ما الحكاية؟ رجل في فندق عمره خمسين سنة، ونحن نمشي بدون سيارة، ودرجة الحرارة اثنين وثلاثين تحت الصفر، سبحان الله! فسبحان الله ربنا الذي منَّ على الأمة بأرض مناخها عجيب، ثروات وكنوز بباطن الأرض، وأعظم كنز العنصر البشري بدين الله، وأعظم كنز العنصر البشري في الأمة إن اعتز بدين الله، فلا عزة للبشرية إلا بالإسلام، وتعجبني كلمة سيد قطب رحمه الله وغفر له، ومنهجنا كما اتفقنا أننا نقبل الحق على لسان أي أحد ونرد الباطل على لسان أي أحد، من كلماته الرقراقة يقول: إن الحياة البشرية من خلق الله، ولن تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله، ولن تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يقدم لها من يد الله: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:123 - 124] وأنتم تعلمون أن في الأمة سلاح واحد فقط وهو سلاح البترول استخدمته استخداماً دقيقاً أو صحيحاً للحظات في حرب العاشر من رمضان فتغيرت كل الموازين، سبحان الله! أموال المسلمين هي التي تدير دفة السياسة في بنوك الشرق والغرب، أموالنا نحن المسلمين أموال طائلة، عقول المسلمين هي التي تخطط هنالك وتبني ممررات على جسر مذهل في بركلل في نيويورك يذهل العقول، وكانت المفاجئة أن استوقفني الإخوة بعد ما مررنا وقالوا: انتظر، وقرءوا لي اللافتة على هذا الجسر ليكاد عقلي ساعتها أن يطيش حينما أعلم أن الذي صمم ونفذ هذا الجسر مهندس مسلم من باكستان، عقولنا ضيق عليها هنا وأغلق في وجهها كل باب أو منفذ للإبداع، أو للعطاء، أو للتفكير، والابتكار، فهربت واستقبلت استقبالاً يليق بهذه العقول، وأغرقت هذه العقول بملايين الدولارات للبذل والبحث العلمي، فأعطت وأبدعت وأنتجت، فهذه بضاعتنا، والله لا نقول ذلك من باب التمسك بأذيال الماضي بل هذا واقع نحياه، لا نريد أن ندندن دائماً على أن هذه حضارتنا من بلاد الأندلس وطليطلة وقرطبة، بل هذا الواقع نحياه الآن أن العقول التي تبدع وتفكر في الغالب هي عقولنا، هي عقول أبناء هذه الأمة، فلا ينبغي أن نقلل من قدراتنا وطاقاتنا وإمكانياتنا، فأنت تستطيع أن تفعل شيئاً كبيراً وعظيماً.