ثالثاً: عدم معرفة غالب المسلمين بطبيعة الطريق، وهذا سبب خطير جداً -أيها الإخوة- من أسباب الهزيمة النفسية التي تصاب بها الأمة الآن.
كثير من المسلمين إذا التزم أو سلك طريق الالتزام يجهل طبيعة الطريق، فإذا تعرض لمحنة قليلة ووقف عند كمين من الكمائن الأمنية: أين البطاقة؟ تعال تشرف معنا قليل فقط، نتحقق يخرج ليحلق لحيته، لماذا؟ لأنه مهزوم، هزم مع أول محنة، وهزم مع أول محك عملي على طريق الفتنة والابتلاء؛ لأنه يجهل طبيعة الطريق، يعتقد أن طريق الالتزام مفروش بالزهور والورود والرياحين، ونسي أن الطريق مفروش بالدماء والأشلاء، يعوي في جنباته الذئاب، يحمل العقيدة ويظن أنها صفقة إن ربحت فهو معها ومع أهلها، وإن خسرت يقول: ليس لنا دخل بهذه الموضوعات وهذه المواويل: (خليك في حالك وربي العيال، وابسط وفرفش وما لكش دخل) لا دخل لنا بهذا، اجلس ليلة أمام التلفاز وكل واشرب وتمتع.
وقد بين الله في قرآنه طبيعة هذا الفريق، فقال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج:11] اللهم سلم، سلم يا رب العالمين.
مع أول احتكاك عملي على الطريق ينزلق؛ لأنه جهل طبيعة الطريق، ولا بد -يا إخوة- من هذه الابتلاءات والمحن والفتن؛ للتمحيص والتمييز، ليخرج من الصف من حمل اللواء والعقيدة وراية الدعوة ليتاجر بها، وليثبت على الصف من هو أهل بالتشريف والتكريم للسير على درب الأنبياء: {الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:2 - 3].