إن الدعوة إلى الله الآن -وأقصد الدعوة العامة- فرض عين على كل مسلم ومسلمة، لا سيما وقد قل الدعاة، وقل الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، لأننا جميعاً -أيها الأحبة- ركاب سفينة واحدة، إن نجت السفينة نجا الصالحون والطالحون، وإن هلكت السفينة هلك الصالحون والطالحون، والحديث رواه البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة -أي: ضربوا قرعة من الذي يسكن أعلى السفينة، ومن الذي يسكن في قاعها- فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً).
كانوا إذا أرادوا أن يأتوا بالماء مروا على من يسكن الطابق الأعلى، فكأنهم تضايقوا من أذاهم للآخرين، فقالوا: (لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذِ من فوقنا) ما الذي يمنع أن نخرق في قاع السفينة خرقاً ونأخذ الماء مباشرة من قاع البحر، ولا نمر على من فوقنا ونؤذيهم بمرورنا؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً).
فنحن جميعاً -أيها الأحبة- ركاب سفينة واحدة، ينبغي أن يبذل كل واحدٍ منا على قدر استطاعته، لأننا نلحظ في الأمة سلبية قاتلة وسلبية مدمرة، أخرت الأمة سنوات طويلة، بحجة مفهوم أو فهم مغلوط لآية محكمة من كتاب الله، ألا وهي قول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] كثير من الأحبة يردد الآن هذه الآية، ويقول: ما شأني بضلال الضلال، إذا كنت أنا على طريق الكبير المتعال، وعلى طريق منهج سيد الرجال، لا ينفعني ولا يضرني!! لا.
لقد خاف الصديق الأكبر رضي الله عنه يوماً من هذه السلبية القاتلة، ومن هذا الفهم المغلوط لهذه الآية، فارتقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: (أيها الناس! إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه؛ أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده) وفي لفظٍ صحيحٍ آخر: (إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه أوشك الله أن يعمهم بعقاب من عنده -وفي لفظ- ثم يدعونه فلا يستجاب لهم) والحديث رواه أصحاب السنن وأحمد وهو حديث صحيح.
فينبغي أن يبذل كل واحد منا على قدر استطاعته لدين الله جل وعلا.