أرى أن الجهاد بالكلمة في هذا الزمان من أخطر أنواع الجهاد وأعظمها؛ لأن الإعلام هو الذي يحرك العالم، فتكلم وانزع الإرجاف من قلوب المرضى، واملأ القلوب يقيناً، واملأ القلوب ثقة بالله، فمن منا جمع زوجته وأولاده وقعد معهم بالليل وبكى بينهم! ورفع أكف الضراعة بينهم؛ ليرفعوا خلفه أكف الضراعة، ودعوا الله أن ينصر المسلمين في أفغانستان وفي فلسطين؟! أكثرنا لم يعمل ذلك، وإنما نحن (شطار) في الكلام، وأساتذة غيبة، وأساتذة نميمة، وكأننا ليس لنا عمل إلا ذلك، إلا من رحم ربي، وهؤلاء -والله العظيم- قلة، وأما الأكثر فلا تراهم مشغولين بعبادة، ولا بطاعة، ولا بعلم، ولا بدعوة، وإنما هم في غيبة ونميمة طوال النهار، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فلو كنت تحمل هماً في قلبك فوالله العظيم! إن قلبك ليكاد أن يحترق، ولن تجلس مع زوجة ولا مع ولد إلا وأنت تذكِّر بهذه القضية، فإذا كنت معهم على الطعام فقل لهم: انظروا كيف نأكل في أمن وفي أمان! وتصوروا -يا أولاد- لو سقط في هذا الوقت صاروخ على بيتنا فحطمه! وتناثرت أشلاؤنا وسالت دماؤنا! إن هذا المشهد يحدث كثيراً في فلسطين وفي غيرها! فعلم الطفل هذا الكلام، وعلمه الولاء والبراء، واغرس فيه بغض اليهود والكفار والمشركين، فمن منا قام بالليل يبكي ويتضرع إلى الله؟! وقد تكلمنا عن الجهاد، ولكن الكلام عن الجهاد سهل، وقلة قليلة هي التي تصدق مع الله، فقم وصل وادع، ولا تستهن بالدعاء.