قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27]، أستطع أن أقسم الخيانة إلى ثلاثة أقسام: الأول: خيانة على المستوى العالمي.
الثاني: خيانة على مستوى الأمة.
الثالث: خيانة على مستوى الأفراد.
وهذا هو عنصرنا الثاني من عناصر اللقاء بإيجاز.
أما الخيانة على المستوى العالمي فإنها الخيانة التي فاح عفنها ونتنها في كل البقاع والأصقاع، إنها خيانة عالمية، خيانة يخطط لها في البيت الأبيض، وفي البيت الأحمر في الكرملن، مروراً بمنظمة هيئة الأمم المتحدة، ومروراً بحلف الأطلسي، ومروراً بالنظام والاتحاد الأوروبي، كل هذه الهيئات وكل هذه المنظمات وكل هذه الأحلاف الدولية تؤصل الآن للخيانة تأصيلاً، إنها خيانة أزكمت الأنوف بعفنها ونتنها، فأي قانون وأي عرف وأي جيل يقر هذه الخيانة العفنة التي تجري الآن منذ أشهر وسنوات على أرض فلسطين؟! وأي عرف وأي ميثاق يقر هذه الخيانة العفنة النتنة التي تمارس على خشبة المسرح العالمي؟ لقد جلس النظام الغربي على مقاعد هذا المسرح العالمي ليصفق بقوة وحرارة وجدارة للجندي اليهودي الجبان الغشوم الظالم، وقف النظام الغربي الخائن كله ليصفق لهؤلاء المجرمين، بل ليمنحهم السلاح لا من وراء ستار، بل على مرأى ومسمع من العالم كله، فبسلاح أمريكي خائن يقتل المسلمون في فلسطين، وبسلاح أمريكي خائن يقتل المسلمون في العراق، وبسلاح أمريكي خائن ضرب جنوب السودان، وضربت أفغانستان، وفي كل موقع من المواقع الآن، لا من وراء ستار، بل على مرأى ومسمع من العالم الإسلامي الهزيل المريض، وعلى مرأى ومسمع من العالم الغربي الخائن الذي تفوح منه الخيانة بعفنها ونتنها.
إن البشرية الآن تشهد من صنوف الخيانة وألوان الوحشية والبربرية والهمجية ما تخجل الوحوش الضارية أن تفعله ببعضها البعض في عالم الغابات، واسمحوا لي أن أكرر هذه الكلمات: أقول: والله! إن البشرية الآن تشهد في ظل قيادة الرجل الغربي الخائن من صنوف الوحشية والبربرية والخيانة ما تخجل الوحوش الضارية أن تفعلها ببعضها البعض في عالم الغابات.
آه يا مسلمون متنا قروناً والمحاق الأعمى يليه محاق أي شيء في عالم الغاب نحن آدميون أم نعاج نساق نحن لحم للوحش والطير منا الجثث الحمر والدم الدفاق وعلى المحصنات تبكي البواكي يا لعرض الإسلام كيف يراق قد هوينا لما هوت وأعدوا وأعدوا من الردى ترياق واقتلعنا الإيمان فاسودت الد نيا علينا واسودت الأعماق وإذا الجذر مات في باطن الأر ض تموت الأغصان والأوراق آه يا مسلمون القدس تباد والعالم كله خسة وخيانة ونفاق القدس من دولة المجد عثما ن أبوها والفاتح العملاق القدس من قلب مكة بالتوحيـ د يعلو لواؤها الخفاق تركوها وحولها من كلاب الـ يهود طوق من خلفه أطواق قدمتها الصلبان لليهود قربا ناً ولليهود كلهم عشاق ووالله لو فعلنا باليهود ما فعلو هـ لرأينا مثل الذي رآه العراق إنها الخيانة التي يفوح عفنها ونتنها على المستوى العالمي، فزعماء العالم من الطواغيت المجرمين الكلاب يرون كل يوم دماء المسلمين تسفك، ولحومهم تمزق، وبيوتهم على رءوسهم تدمر، وصار الحس متبلداً، وصار الزعيم من هؤلاء يخرج في مؤتمر صحفي بارداً كبرود الثلج ليقول: يجب على الفلسطينيين أن يوقفوا العمليات الإرهابية ليوقف اليهود ضرباتهم للفلسطينيين! بكل خيانة، وبكل جرأة وتبجح صارت الكلمات -ورب الكعبة- لا تجد لها سبيلاً إلى الحناجر.
ووالله! ثم والله! لولا أن الله أخذ على أهل العلم الميثاق أن يتكلموا ويبينوا ما تكلمت كلمة، ولا بينت شيئاً؛ لأن زمن التنظير قد مضى، وزمن الكلام قد انتهى؛ فقد صرخت الطائرة في كبد السماء، وصرخ الرشاش في يد اليهودي الخائن، وتكلم الرصاص، فلماذا تنتظر الأمة؟! وأي شيء تنتظر هذه الأمة؟! إنه عالم لا يعرف إلا الخيانة، وعالم لا يقر إلا لغة الحرب ولغة الرصاص، فما هو الذي تنتظره الأمة بعد كل ذلك؟ وزعماء العالم في أمريكا، وفي بريطانيا، وفي روسيا، وفي فرنسا، وفي كل العالم؛ يرى هذه الخيانة كل يوم ويقرها، ويقر الخيانة التي تمارس كل ساعة -بل كل دقيقة- على خشبة المسرح العالمي، ثم بعد ذلك يتغنى هؤلاء المجرمون الخونة بالنظام العالمي الجديد، بأكذوبة السلام العالمي، فأين النظام العالمي الذي يتكلمون عنه؟!