طاردتني هذه الصور المؤلمة التي تحرق فؤاد كل مسلم حي، هذا إن كنا لا زلنا نحمل في الصدور أفئدة، إن كنا لا زلنا نحمل في الصدور قلوباً ما كفنت ولا حول ولا قوة إلا بالله! طاردتني كما طاردت كل مسلم صادق هذه الصورة المؤلمة التي تحرق القلب، صورة هذا الطفل المسكين الذي لا ذنب له ولا جريرة إلا أنه ولد فوق الثرى الطاهر، والأرض المباركة، فوق مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وقام اليهود المجرمون الأنذال الذين لا يعرفون رحمة ولا شفقة، حتى بعدما احتمى الطفل في أبيه وراح يرفع يديه خائفاً من هؤلاء المجرمين، وراح الوالد المسكين يرفع يده مسلماً مستسلماً، ولكن هيهات هيهات هيهات.
هيهات أن يعرف اليهود الرحمة؛ اللهم إلا إذا دخل الجمل في سَمَّ الخياط.
فأطلقوا الرصاص على رأس هذا الطفل المسكين فأردوه قتيلاً، وإن شئت فقل: لقد قتلوا أباه وإن لم يمته الرصاص، تصور أن يموت ولدك بين يديك بهذه الصورة التي تحرق الأفئدة، والله لقد نظرت إلى أطفالي بالأمس القريب نظرت إليهم وتخيلت أن قاذفة من قاذفات العدو اليهودي قد سقطت على بيتي على أهلي وأولادي فتمزقت أشلاء أطفالي أمام عيني وبين يدي، والله عبثاً حاولت النوم فأنى للقلوب التي تعرف حقيقة الإيمان فأنى للقلوب التي ذاقت حلاوة الولاء والبراء أن تعرف طعم النوم، وأن تعرف طعم الراحة، والله لولا أن المصطفى في المصائب ذاق ما ذقناه لكانت المصيبة والمأساة! وصورة الطائرات والدبابات والصواريخ والمدفعية تدك بيوت الفلسطينيين العزل، الذين لا يملكون إلا إيماناً بالله عز وجل ثم الحجارة ثم الحجارة ثم الحجارة!!