إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، وطبتم جميعاً أيها الإخوة الكرام! وأيتها الأخوات الفضليات! وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً.
أحبائي يا ملء الفؤاد تحيةً تجوز إليكم كل سد وعائق لقد شدني شوق إليكم مكلل بالحب والتقدير والدعاء المشفق وأرقني بالمظلمات عليكم تكالب أعداء سعوا بالبوائق أردتم رضا الرحمن قلباً وقالباً وما أرادوا إلا حقير المآزق فسدد الله على درب الحق خطاكم وجنبكم فيه خفي المزالق طبتم جميعاً أيها الإخوة والأخوات وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا كما جمعنا وإياكم في هذا الجمع المهيب الكريم المبارك على طاعته، أن يجمعنا وإياكم في الآخرة مع سيد النبيين في جنته ودار كرامته؛ إنه ولي ذلك القادر عليه.
أحبتي في الله! لقد سألني الإخوة الفضلاء أن أعلق على رحلتي الأخيرة إلى أمريكا في العشر الأواخر من رمضان، وإني لفاعل إن شاء الله جل وعلا، فأعيروني القلوب الأسماع؛ فإن هذا اللقاء من الأهمية بمكان، وقبل أن أشرع في التعليق بإيجاز شديد على هذه المشاهد الكريمة في هذا البلد الكافر، بل في قلعة الكفر على ظهر هذه الأرض، أود أن أقدم اليوم بمقدمة سريعة لابد منها.
أيها الأحبة! إنني أعلم علم اليقين أن الواقع المر الأليم الذي تعيش فيه أمتنا في هذه الأيام كان سبباً رئيسياً لأن تعصف رياح القنوط واليأس بكثير من قلوب شبابنا المتحمس، فبمقارنة سريعة أيها الأطهار! لحال الأمة في الواقع المعاصر، ولمكانة الأمة في القرآن الكريم، نرى أن البون شاسع، وأن الفرق كبير بين أمة زكاها الله في القرآن بقوله جل وعلا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:110] , وبين واقع أمة بات كثير من أفرادها اليوم يأمر بالمنكر، وينهى عن المعروف، ويكفر بالله جل وعلا! حتى قال قائلهم: إن تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر ردة حضارية بكل المقاييس!! وقال آخر: إننا نحتفل الليلة بمولد السيد البدوي المهاب الذي إن دعي في البر والبحر أجاب!! وقال ثالث: إن مصر ستظل فرعونية ولو وقف الإسلام حجر عثرة في طريق فرعونيتنا لنحينا الإسلام جانباً؛ لتطل مصر فرعونية!! وقال رابع: هبوني عيداً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم وقال خامس: آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني