إن رسول الله هو أسوتنا وقدوتنا، فلننظر أيها الأفاضل! كيف كان يتعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع الخلق؟ وهذا ما أود أن أركز الحديث فيه مع أحبابنا وإخواننا جميعاً.
لماذا نجح أهل الباطل في جذب قلوب الجماهير إلى باطلهم، مع أنهم لا يملكون على الإطلاق حجة تقنع عقلاً ولا قلباً، ومع ذلك استطاعوا أن يجذبوا جماهير المسلمين -فضلاً عن أهل الأرض- إلى الباطل الذي معهم؟! انظر كيف يدعو غير المسلِم المسلَم، أو غير المسلم وكيف يخاطبه ويحاوره؟ لماذا نخسر قضيتنا مع أنها قضية مضمونة؟! لماذا صار الإسلام في قفص اتهام؟ بكل أسف لا يوجد إلى الآن مجموعة من المدافعين الصادقين المخلصين الذين يدافعون عن هذا، ولا أقول: يدافعون بل يبينون الحق بالحق وبقوة الإيمان، بل نقف أمام كل تهمة يتهم بها ديننا وقفة الضعيف المهزوم المخذول، الذي يود أن لو وضع أنفه ورأسه في الرمال وكأنه لا يملك حجة ليبلغها لأهل الأرض، بل صارت ردودنا سلبية مهزومة، ونسينا قول الله جل وعلا: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف:29].
إن مكمن الخطر إلى الآن أننا لم نشهد لهذا الإسلام على أرض الواقع بأخلاقنا وسلوكنا، ولم نبلغ هذا الحق لأهل الأرض كما بلغه أسوتنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم، فإنه ما جهة إلا وخاطبها: خاطب الملوك خاطب الرؤساء خاطب العشائر والقبائل، ما ترك مجلساً من مجالس الكفار إلا وغشيهم في أنديتهم؛ ليبلغهم دين الله بأدب جم بحكمة بالغة بموعظة حسنة بكلمة رقيقة رقراقة، ولو تتبعت منهج رسول الله في البلاغ والدعوة إلى الله لرأيت العجب العجاب حتى مع أكفر أهل الأرض.