سفري بعيد وزادي لن يبلغني وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها الله يعلمها في السر والعلن
أنا الذي أغلق الأبواب مجتهداً على المعاصي وعين الله تنظرني
ما أحلم الله عني حيث أمهلني وقد تماديت في ذنبي ويسترني
كأنني بين تلك الأهل منطرحاً على الفراش وأيديهم تقلبني
وقد أتوا بطبيب كي يعالجني ولم أر الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها من كل عرق بلا رفق ولا هون
وقام من كان أحب الناس في عجل نحو المغسل يأتيني يغسلني
فجاءني رجل منهم فجردني من الثياب وأعراني وأفردني
وأودعوني على الألواح منطرحاً وصار فوقي خرير الماء ينظفني
وأسكب الماء من فوقي وغسلني غسلاً ثلاثاً ونادى القوم بالكفن
وحملوني على الأكتاف أربعةٌ من الرجال وخلفي من يشيعني
وقدموني إلى المحراب وانصرفوا خلف الإمام فصلى ثم ودعني
صلوا عليَّ صلاة لا ركوع لها ولا سجود لعل الله يرحمني
وأنزلوني إلى قبري على مهل وقدموا واحداً منهم يلحدني
فكشف الثوب عن وجهي لينظرني فأسكب الدمع من عينيه أغرقني
وقال هلوا عليه الترب واغتنموا حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
تقاسم الأهل مالي بعدما انصرفوا وصار وزري على ظهري فأثقلني
يا نفس كفي عن العصيان واغتنمي حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
أيا من يدعي الفهم إلى كم يا أخا الوهم
تعب الذنب والذم وتخطي الخطأ الجم
أما بان لك العيب أما أنذرك الشيب
وما في نصحه ريب ولا سمعك قد صم
أما نادى بك الموت ما أسمعك الصوت
أما تخشى من الفوت فتحتاط وتهتم
فكم تَسدَرُ في السهو وتختال من الزهو
وتنصب إلى اللهو كأن الموت ما عم
كأني بك تنحط إلى اللحد وتنغط
وقد أسلمك الرهط إلى أضيق من سم
هناك الجسم ممدود ليستأكله الدود
إلى أن ينخر العود ويمسي العظم قد رم
فزود نفسك الخير ودع ما يعقب الضير
وهيئ مركب السير وخف من لجة اليم
لذا أوصيك يا صاح وقد بحت كمن باح
فطوبى لفتىً راح بآداب محمد يأتم