والله! ما أحرق البشرية لفح الهاجرة القاتل، وما أرهق البشرية طول المشي في التيه والضلال إلا لمحاربتها للإسلام، وإلا لمعاداتها للإسلام، وإلا لانحرافها عن دين الله جل وعلا الذي أنزله الله للبشرية؛ لتسعد به في الدنيا والآخرة على السواء.
فإن العالم كله اليوم محروم من نعمة الأمن والأمان، على الرغم من كثرة الوسائل الأمنية المذهلة، وعلى الرغم من التخصص العلمي المذهل المبني على العلوم النفسية والاجتماعية؛ لمحاربة العنف والجريمة في كل مكان، بل وإن العالم محروم من نعمة الأمن والأمان على الرغم من كثرة الأسلحة النووية والبيولوجية والسرية، بل وعلى الرغم من كثرة أحلافه العسكرية، وعلى الرغم من كثرة هيئاته ومنظماته، فبترك الإسلام حرم العالم كله من نعمة الأمن والأمان.
بل إن ملايين البشر ينتظرون الموت الآن في كل لحظة؛ لأن الوسائل الأمنية التي اخترعتها البشرية النكدة البعيدة عن منهج الله تحولت إلى وسائل لإبادة الجنس البشري بين غمضة عين وانتباهتها، فتحولت وسائل الأمن إلى فزع ورعب!! إن ملايين البشر ينتظرون الموت في كل لحظة، فقد ضاقت الدنيا في وجوههم على الرغم من اتساع الأرض هنا وهنالك، بل واسودت الدنيا في أعينهم على الرغم من كثرة أضوائها، بل لا يجدون لقمَ الخبز على الرغم من كثرة الأسواق المشتركة العملاقة، وعلى الرغم من كثرة الأموال، بل ولا يشعر العالم كله الآن براحة النفس واستقرار الضمير وانشراح الصدر وهدوء البال، كل هذا نتيجة لانحراف البشرية المنكودة عن منهج الله جل وعلا، عن هذا الدين الذي رضيه الله للبشرية كلها لتسعد به في الدنيا والآخرة، كما قال جل وعلا: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى} [طه:123 - 127].
وهذه نتيجة حتمية للبعد عن منهج رب البرية، وللبعد عن منهج سيد البشرية صلى الله عليه وسلم، وهي نتيجة عادلة للإعراض عن منهج الله تبارك وتعالى.