الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين.
أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم الكريم جل وعلا الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أيها الأحبة! نحن الليلة على موعد مع الدرس الحادي والثلاثين من دروس الإيمان باليوم الآخر، كركن خامس من أركان الإيمان بالله جل وعلا، ضمن دروس العقيدة لمعهد إعداد الدعاة، ولا زال حديثنا ممتداً بحول الله وطوله عن العلامات الصغرى للساعة، وقد توقفت في لقائنا الماضي مع العلامة السابعة والثلاثين، والتي كانت عن ذهاب الخشوع، وأود أن أذكر في عجالة سريعة بالعلامات التي تحدثنا عنها في المحاضرات الماضية، ثم أتحدث عن بقية العلامات إن شاء الله تعالى.
تكلمنا عن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم كعلامة من العلامات الصغرى للساعة، وعن موت النبي صلى الله عليه وسلم، وعن ظهور الفتن، وعن قبض الأمانة، وعن قبض العلم، وكثرة الجهل، وعن تقارب الزمان، وعن كثرة أعوان الظلمة، وعن انتشار الزنا، وعن انتشار الربا، وعن ظهور المعازف واستحلالها، وعن شرب الخمر واستحلاله، وعن كثرة القتل، وعن زخرفة المساجد والتباهي بها، وتكلمت عن التطاول في البنيان، وعن ولادة الأمة ربتها، وعن تقارب الأسواق، وعن ظهور الشرك في الأمة، وعن ظهور الفحش، وقطيعة الرحم، وسوء الجوار، وعن تشبب المشيخة، وكثرة الشح، وكثرة التجارة، وذهاب الصالحين، وارتفاع الأسافل، والتماس العلم عند الأصاغر.
وتكلمت أيضاً عن ظهور الكاسيات العاريات، وعن صدق رؤيا المؤمن، وعن كثرة الكتابة وانتشارها، وعن كثرة الكذب وعدم التثبت في نقل الأخبار، وعن كثرة شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق.
وتكلمنا عن كثرة النساء وقلة الرجال، وكثرة موت الفجأة، وتمني الموت من شدة البلاء، ووقوع التناكر بين الناس، وأن التحية لا تكون إلا للمعرفة، وتكلمت عن اتباع سنن الأمم الماضية، وظهور الكذابين من أدعياء النبوة، وتداعي الأمم على أمة الإسلام والإيمان، وغربة الإسلام.
وتكلمت عن ذهاب الخشوع، وأواصل الحديث إن شاء الله تعالى عن بقية هذه العلامات التي أراني قد اقتربت من الانتهاء منها، فإن المدقق والممحص للأحاديث الثابتة عن الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم يقف عند هذا القدر والعدد الذي ذكرت فحسب، وإلا فمن تهاون وتساهل في ضبط وتصحيح الأحاديث ربما تصل العلامات الصغرى عنده إلى تسعين علامة أو يزيد، لكن الذي ذكرت هو الصحيح الثابت عن الصادق الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.