ومن أدق مَنْ وصف النبي صلى الله عليه وسلم أم معبد، فقد مر عليها صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، فمروا على خيمة أم معبد وكانوا جائعين، فأرادوا طعاماً، ولم يكن معها شيء، فاعتذرت إليهم وأن ليس إلا شاة عجفاء هزيلة ليس فيها لبن، فقال: أحضريها، فأحضرت له الشاة، وإذ بالنبي صلى الله عليه وسلم يمسح بيديه المباركة على ظهرها وعلى ضرعها فينزل اللبن بأمر الله، وبقدرة الله المباشرة التي لا دخل فيها لعالم القوانين وإنما فيها كن فكون.
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة يارب العالمين.
فالنبي صلى الله عليه وسلم حلب وسقى أصحابه وشرب وترك اللبن الكثير لـ أم معبد، فانبهرت أم معبد مما رأت من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فعاد زوجها فرأى اللبن! فاستنكره، وقال: من أين لك هذا اللبن؟! إن هذه الشاة لا لبن فيها، قالت: لقد مر عليّ رجل مبارك سألني طعاماً وشراباً فقلت له: ليس عندنا شيء، فقال لي: هاتِ الشاة، ومسح بيده على ظهرها وعلى ضرعها فجرى اللبن الكثير! فشرب وشرب أصحابه وبقي لنا هذا اللبن! فقال لها: صفيه لي لعله أن يكون محمداً! فقالت له سيدتنا أم معبد رضي الله عنها: (رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، حسن الخلق، مليح الوجه، إذا صمت علاه الوقار، وإذا تكلم سما وعلاه البهاء، حسن المنطق، أبهى الناس وأحسنهم من بعيد، وأحلى الناس وأحسنهم من قريب، غصنٌ بين غصنين، فهو أنظر الثلاثة منظراً، له رفقاء يحفون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تثابروا لأمره)، اللهم صلاةً وسلاماً عليك يا سيدي يا رسول الله! صلاةً وسلاماً يليقان بمقامك يا أمير الأنبياء! ويا سيد المرسلين! أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتمسكين بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المحبين لشرع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن المنفذين لتعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن حب النبي صلى الله عليه وسلم سلوك وعمل، وإن حب النبي صلى الله عليه وسلم التزام بسنته، والتزام بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم والتزام بشرعه، فأسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتمسكين بسنته صلى الله عليه وسلم.