إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:102] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:70 - 71].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فمع الدرس الرابع من دروس سورة الستر والعفاف في سورة النور، وما زلنا بفضل الله جل وعلا نتحدث عن جريمة الزنا وعن الضمانات الوقائية التي وضعها الإسلام حماية لأفراد المجتمع الإسلامي من الوقوع في هذه الكبيرة الخطيرة، وقلنا: إن هذه الضمانات تتلخص فيما يلي: أولاً: تحريم النظر إلى المحرمات.
ثانياً: تحريم التبرج وفرض الحجاب على المرأة المسلمة.
ثالثاً: تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية، ومنع الاختلاط المستهتر.
رابعاً: تحريم الغناء باعتباره بريد الزنا.
خامساً: الحض على الزواج لمن استطاع إليه سبيلاً، والحض على الصوم لمن لم يستطع الزواج، والحض على عدم المغالاة في المهور تيسيراً لتكاليف الزواج.
ولقد تكلمنا في اللقاء الماضي -بفضل الله جل وعلا- عن أول ضمان من هذه الضمانات الوقائية، ألا وهو تحريم النظر إلى ما حرم الله جل وعلا، وبينا ما يتعلق بهذا الباب من أحكام فقهية، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.
أيها الأحبة! نحن اليوم على موعد مع الضمان الثاني من هذه الضمانات الوقائية التي جعلها الإسلام سياجاً واقياً وحامياً لأفراده من الوقوع في هذه الفاحشة الكبرى، ألا وهو: تحريم التبرج وفرض الحجاب على المرأة المسلمة.
أيها الأحبة! إن الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمع طاهر ونظيف؛ لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة، ولا تستثار فيه دوافع اللحم والدم في كل حين؛ لأن عمليات الاستثارة المستمرة لهذه الغرائز الهاجعة والشهوات الكامنة تنتهي إلى سعار شهواني لا يرتوي ولا ينطفئ، فالحركة المثيرة، والزينة المتبرجة، واللحن العاري، والرائحة المؤثرة، والمشية المتكسرة، والقولة اللينة المترققة كلها لا تصنع إلا أن تثير هذه الشهوات الهاجعة والغرائز الكامنة كلها تتكاتف لتصب في هذا المستنقع الآسن وفي هذه النار المشتعلة المتأججة المحرقة، ألا وهي نار الشهوات والفتن التي توصلها كل هذه الأشياء إلى قلوب الشباب والرجال وأصحاب القلوب المريضة! نسأل الله أن يحفظنا وإياكم.