وأخيراً: أيتها المنقبة الطاهرة! اصبري وصابري واحتسبي، واعلمي أن أشد ساعات الليل سواداً هي الساعة التي يليها ضوء الفجر، وفجر الإسلام قادم، وفجر الحق قادم، ولن تستطيع جميع الأفواه ولو اجتمعت على أن تطفئ نور الله عز وجل، وصدق الله إذ يقول: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [الصف:8 - 9].
وفي الحديث الذي رواه أحمد والطبراني وقال: رجاله رجال الصحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال الألباني: بل هو على شرط مسلم من حديث تميم الداري أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر).
فليكن ردك أيتها المنتقبة على كل هذه الحملات المسعورة المزيد من التمسك بالحجاب، والصبر على هذه الفتن، والإصرار على السير على طريق الحق والهدى وإن قل السالكون، ولا تغتري بطريق الضلالة وإن كثر الهالكون.
بلغت يا ذات الحجاب مناك وحباك ربك عزه ورعاك لبيت صوت الحق دون تلعثم وعصيت صوت الفاجر الأفاك جانبت أخلاق العدو تكرماً وتبعت خلقاً سنه مولاك أختاه إن خسر العدو بجولة سيعاود الأخرى ولن ينساك فتأهبي دوماً وكوني حرة لا يخدعنك كاذب متباك زعموا الدعارة والخنا حرية هتكاً لعرضك فاحذري إياك أختاه! قد تلقين ضيماً أو أذى فثقي بربك واثبتي لعداك فالابتلاء يزيد دينك قوة والمؤمنات صبرن قبل أذاك فلأم عمار وأم عمارة أسمى المواقف من ذوي الإدراك وكذاك أسماء وإن تستخبري عنهن تاريخ العلا أنباك يا بنت فاتح لقنيهم في الصبا تاريخ مجد كان من أسراك شهدت به الدنيا وذل لسيفه كل الملوك وكان فيه علاك أضحى به صرح الشريعة شامخاً وهوت لديه معاقل الإشراك أختاه! إن الدرب صعب مجهد يحتاج زاداًً والتقى بيداك قومي إذا جن الظلام ورتلي آيات ربك ولتجد عيناك فالله حرم أن تمس جهنم عيناً بكت فلتسعدي ببكاك ولتذكري بظلامه قبراً غداً يمسي من الدنيا به مثواك صومي نهارك ما استطعت فإنه يطغي به يوم الحساب ضماك ولتحكم الأخلاق عمرك كله حب النبي وقربه وكفاك أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، وأن يجعل قولنا وعملنا خالصاً لوجهه، إنه ولي ذلك ومولاه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.