يصبر الحبيب، ويضطر لترك بلده إلى المدينة، وفي مدة لا تساوي من حساب الزمن شيئاً على الإطلاق، بل ولا تساوي في بناء الدول شيئاً على الإطلاق، يرجع المصطفى مع عشرة آلاف موحدٍ لله جل وعلا ليفتح مكة؛ وليأمر النبي بلالاً رضي الله عنه ليصعد على سطح الكعبة، ليرفع الأذان لأول مرة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله محمد رسول الله، وتتهلل حجارة الكعبة فرحاً لهذا التوحيد، ولهذا الثوب الجديد الذي كساها إياه إمام الموحدين، وقدوة المحققين محمد صلى الله عليه وسلم.
ويحطم النبي الأصنام، ويردد قول الله جل وعلا: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء:81].
من كان يظن في أول الأمر عندما وقف النبي على جبل الصفا لدعوة قومه؛ أن تمر هذه الرحلة بهذه السرعة؛ ليرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فاتحاً؟ إنه وعد الله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات:171 - 173]؟