العطف

وأخيراً وليس هذا آخراً: ولا يذكر في الأخلاق، لكن نختم الكلام بخلق: (العطف) الذي هو تابعٌ للرحمة، فمما ينبغي أن يكون الداعية عليه في مواقف من المدعو، تفهُّم مشكلاته، ومواساته، إظهار العطف والحنان، والمدعو لا يخلو من مصيبة، أو شيء من همٍ، أو حزنٍ، أو مرضٍ، أو موتِ قريبٍ، أو دينٍ، أو رسوب في دراسة، أو طرد من وظيفة، في هذه الحالة يكون العطف والشفقة من الأشياء التي تفتح طريقاً واسعاً إلى قلب المدعو، والأذكياء من الدعاة ينتهزون هذه الفرص، ويأتون بالعطف والحنان اللازم.

ولكن هذا العطف -أيها الإخوة! - ليس من هذه العواطف الهوجاء الشخصية، التي يربط بها بعض الدعاة المخطئون في أساليبهم بعض المدعوين، يربطه بشخصيته ويجعل العلاقة علاقة عاطفية، ليس فيها كلام الله ورسوله، ولا موعظة، ولا تذكير بآخرة، وإنما قضايا من أنواع العلاقات التي هي من جنس التعلق المذموم.

فنقول: هذه علاقة مدمرة لا تهدي الشخص، وإنما قد تنقله من معصية إلى شيء أخطر من المعصية، وقد يقلد الداعية في بعض الأشياء لا من باب القناعة الشرعية، لكن من باب هذا التعلق الذي جعله هذا الداعية بشكلٍ خاطئ في قلب هذا المدعو، ولذلك فاحذروا -يا أيها الدعاة! - من أن تربطوا المدعوين بكم بروابط عاطفية خاطئة، وإنما يكون لديكم من العطف والحنان، ما تبدونه للمريض والمحزون، والمهموم والمغموم، والمصاب بالمصيبة، تكون العلاقة مبنية على الشريعة، لا على الأهواء الشخصية.

وفقني الله وإياكم للدعوة إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، وأن يغفر لنا ذنوبنا أجمعين، وصلى الله على نبينا محمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015