ومن الأمور المهمة أيضاً في أخلاق الداعية: (تقدير الآخرين واحترامهم) وخصوصاً كبار السن، وهذا له أثرٌ كبيرٌ على استجابتهم، النبي عليه الصلاة والسلام لما أُسر ثمامة وربط في المسجد كان يمر عليه كل يوم ويسأله سؤالاً واحداً فقط، مع إكرام الأسير بطبيعة الحال، وقد أطلقوا ثمامة في اليوم الثالث، فلما أطلق ذهب إلى مكان فتوضأ، ورجع وأعلن إسلامه، ليقول للنبي عليه الصلاة والسلام: ما كان وجهٌ أبغض إلي من وجهك فأصبح أحب الوجوه إلي، ما كان بلدٌ أبغض إلي من بلدك حتى أصبح أحب البلاد إلي، ما كان دينٌ أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين إلي.
وكان عليه الصلاة والسلام يكرم أسياد القوم ويجلسهم عن يمينه، ويقول: (أنزلوا الناس منازلهم)، وعند موته أوصى عليه الصلاة والسلام بوصايا مهمة منها: (أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه) وعلى ذلك سار أصحابه من تقدير واحترام الآخرين.
لما جاء عدي بن حاتم إلى عمر وجعل عمر يدعوهم رجلاً رجلاً، يسميهم: يا فلان بن فلان، يا فلان بن فلان، وفود تأتي عمر وعمر يدعوهم واحداً واحداً، قال عدي: [أما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ -لأن عدياً كان سيداً في قومه- قال عمر رضي الله عنه: بلى.
أسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ أنكروا، فقال: عديٌ، فلا أبالي إذاً] يعني إذا كنت تعرف قدري فلا أبالي أنك لم تدعني باسمي ولم تخصني.