الحمد لله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، أنزل القرآن بلسان عربي مبين، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين عباد الله: إن هذه القضية من القضايا الأساسية المهمة التي ينبني عليها توحد شخصية الأمة، وفهم الكتاب العزيز، والسنة النبوية الشريفة، إنها قضية دين ومبدأ ومصير، وليست قضية هامشية، ولا جانبية، ولا فرعية.
أيها المسلمون: ما عرفنا ميزات لغتنا، ضيعنا لغتنا، لم نعرف ميزات اللغة في ثراء ألفاظها، لم نعرف ميزة الاشتقاق في هذه اللغة، إنها ميزة عظيمة فالكلمة جذر الكلمة ثم أسرة هذا الجذر، تأخذ الفعل الماضي والمضارع واسم الفاعل واسم المفعول، والصفة المشبهة، واسم الزمان، واسم المكان، واسم الآلة، واسم التفضيل، كله من كلم جذر واحد، لكن هل هذا عندهم في لغاتهم الأجنبية مثل ما عندنا؟ كلا والله! ليس عندهم ذلك.
فنحن نقول: دَرَسَ يَدْرسُ مَدْرَسةَ دَارِس مُدَرِّس، وكلها من جذر واحد، وهم يقولون: ( School - Student Wilson ) كلمات مختلفة.
ولغتنا أسهل في التعلم، وإن قالوا: عندنا اختصارات، فنقول: ونحن عندنا اختصارات، عندنا (باب النحت) في اللغة، فنحن نقول: الحمدلة، الدمعزة، البسملة، الحوقلة، وإن قالوا: إن المصطلحات العلمية تقتضي الاختصار بالأحرف، فنحن نقول: ونحن ماذا يضيرنا لو استعملنا (ص.
ب) لصندوق البريد، و (س.
ت) للسجل التجاري، و (ن.
ق) لنصف القطر في الهندسة، وهكذا استعملنا من سائر المختصرات إذا كان ولا بد أن نختصر.
وانظروا إلى تكامل حروفنا في مخارجها وتوزعها على المخارج، من أقصى الحلق إلى الشفتين في الأمام، وأطراف اللسان، واللسان ذاتها الحروف موزعةً عليها توزيعاً عجيباً، ولذلك نحن نستطيع أن ننطق سائر الحروف التي لديهم من كمال مخارجنا، ونقول: (تي وبي) لكن هل منهم من يستطيع أن ينطق بسهولة (ع، ح، غ، ق، ص، ط)؟ لا يستطيعون إلا بصعوبة، فمخارجنا أكمل من مخارجهم، ولقد قلت للعلج الذي درسني اللغة الإنجليزية مرةً: هل تستطيع أن تتنحنح؟ فقال: نعم، وتنحنح، وظهر حرف الحاء في نحنحته، فقلت له: وهل تستطيع أن تقول: محمد؟ فقال: (مهمد) وهو قد أتى قبل قليل بالحاء في نحنحته، وهو عاجز أن يقولها في كلمة.
وفي لغتنا كمال الحروف، فعندنا المفرد والمثنى والجمع، أما اللغة الإنجليزية فليس فيها المثنى، وعندنا أنتَ وأنتِ للدلالة على المذكر والمؤنث، وهم يقولون: ( You ) ولا تعرف هل يخاطب رجلاً أم امرأة، ويقولون: دكتور و ( Teacher ) ولا تعرف هل هو رجل أو امرأة، ونحن عندنا تاء التأنيث، والألف المقصورة للتأنيث، وعندنا علامات التأنيث للتفريق بين الذكر والأنثى، فلا تعجب أن يكون أولئك فيهم ظاهرة الخنوثة في لغتهم وفي أخلاقهم!