من عقوبة الشهوات المحرمة: سوء الخاتمة، قال صلى الله عليه وسلم: (فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها).
كان السلف يخشون سوء الخاتمة، بكى سفيان الثوري ليلةً إلى الصباح، فقيل له: أكل هذا خوفاً من الذنوب؟ قال: [الذنوب أهون! إنما أبكي خوفاً من الخاتمة] إن التعلق بالشهوات واستيلاؤها على القلب من أكبر أسباب سوء الخاتمة؛ فإن هذه الأشياء التي تشغل بال الإنسان من الحرام، وانشغاله بها وانهماكه، إذا نزل به الموت سيطفو على السطح، وسيظهر على لسانه، وحين تخونه قواه وتخور يطفو ما كان مخبأً من هذه الشهوات المحرمة.
يروى أن رجلاً عشق فتى واشتد كلفه به، وتمكن حبه من قلبه حتى مرض ولازم الفراش بسببه، حتى أوشك على الهلاك، وأراد أن يراه فلم يستطع، فأسقط في يده وانتكس، وبدت عليه علامات الموت، فجعل يقول والموت نازل به:
أسلم يا راحة العليل ويا شفاء المدنفِ النحيل
رضاك أشهى إلى فؤادي من رحمة الخالق الجليل
فقيل له: يا فلان! اتق الله.
قال: قد كان.
فما أن جاوز باب داره حتى سمعوا صيحة الموت.
وآخر كان واقفاً بإزاء داره، فمرت به فتاة لها منظر جميل، فقالت: أين الطريق إلى حمام منجاب؟ وكانوا من قديم يغتسلون في الحمامات العامة، فأغواه الشيطان فقال: هذا حمام منجاب، وأشار إلى باب داره، فدخلت المسكينة وهي لا تدري ما الأمر، فأغلق الباب فأسقط في يدها، لكنها كانت ذكية، فأظهرت البشر والسرور، وقالت: يصلح أن يكون معنا ما يطيب عيشنا من طعام، فخرج وترك الدار ولم يغلقها فهربت بذكائها وحسن تدبيرها، وهكذا الفتاة لو تآمروا عليها فهي صالحة وإيمانها يدفعها للنجاة، فلما رجع ووجدها قد هربت هام وأكثر الذكر لها، وجعل يمشي في الطريق كالمجنون، ويقول:
يا رب قائلة يوماً وقد تعبت أين الطريق إلى حمام منجاب
فبينما هو يوماً على ذلك إذ سمع صوتاً يقول له:
هلا جعلت سريعاً إذ ظفرت بها حرزاً على الدار أو قفلاً على الباب
فازداد هيامه حتى حضرته الوفاة، فكان آخر كلامه من الدنيا:
يا رب قائلة يوماً وقد تعبت أين الطريق إلى حمام منجاب
ولم ينطق بالشهادة، حمانا الله من مثل هذا المصير!