إذاً: الشهوة نعمة أنعم الله بها على المخلوق، وهي ابتلاء يبتلي الله بها عباده لينظر أيطيعونه أو يطيعون الشهوة، وإنما المحظور صرف الشهوة في الحرام ما هو الوعيد على صرف الشهوة في الحرام؟ ما هي الأشياء التي تجعل الإنسان يخاف من الحرام؟ لقد توعد الله تعالى أهل الفجور والفساد بالعذاب الشديد يوم القيامة، فقال: {وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً} [الفرقان:68]، وقبل هذا العذاب في النار يتعرض الزناة والزواني للعذاب في القبر، ويحدثنا صلى الله عليه وسلم عن شيء مما يعذب به هؤلاء في قبورهم: (فقال لي الملكان: انطلق انطلق؛ فانطلقنا فأتينا على مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع، فإذا فيه لغط وأصوات، فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم -من مكان الجريمة، أين مكان الجريمة؟ الأعضاء التناسلية، أين هي؟ تحت، من أين يأتيهم؟ من تحت- فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا -أي: صاحوا- وارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها، فقلت له: وما هؤلاء؟ قال: أما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني) هذا بعض ما يتعرض له الزناة من العقوبة، فمن يطيق ذلك؟! وليعلم الشباب والفتيات الذين لم يصلوا إلى ممارسة الفاحشة أن المقدمات من النظر والكلام واللمس هي الخطوات الأولى في طريق الفاحشة، وأن الجرأة عليها تقود إلى ما بعدها
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الوزر والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
كل شهوة تستدعي ما دونها حتى يهلك الإنسان، لقد أقسم الشيطان أمام الله تعالى أن يسعى لإغواء عباده جاهداً في ذلك، قال تعالى عنه: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:16 - 17] إنه يسعى بكل وسيلة لإضلالنا وإغوائنا وإيقاعنا في الصغائر والكبائر.
لقد أخبرنا الله عن الذين فروا في أحد أنه استزلهم الشيطان، قال تعالى: {إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ} [آل عمران:155] وهكذا الذين يسقطون في فخاخ الشهوة إنما استزلهم الشيطان، يستدرجك لإيقاعك في الصغيرة نظرة كلمة مغازلة ثم يقول بعد ذلك لك: استمر، ثم تقع الخسارة الكبرى ويقع الانحراف.