ونحن -أيها الإخوة- كذلك نعيش هذه الأيام مع محنة إخواننا في مقدونيا، ذلك الشعب المسلم الذي يشكل قريباً من نصف سكان مقدونيا (45%) ولا يشكل النصارى الأرثوذكس الذين يمسكون بزمام الأمور في مقدونيا إلا الثلث فأقل، فهم أقل من المسلمين، ومع ذلك يتحكمون في رقابهم، يغلقون جامعاتهم، وقد نصبت هذه الطغمة الأرثوذكسية في تلك البلاد صليباً طوله اثنا عشر متراً ضمن احتفالات الألفية، وهو واحدٌ من عدد من الصلبان التي زرعت في أنحاء البلاد كان أكبرها صليب بطول مائتي متر على قمة أعلى جبل، صمم بحيث يضيء في الليل ليراه الجميع، رفعوا ذلك الوثن، ولوثوا به الهواء والفضاء، ولكن ضاقت أنفسهم بمآذن أحد أعرق المساجد في مقدونيا فأمروا بإغلاقه ومنع إقامة شعائر الدين فيه، وهكذا حُرم المسلمون في مقدونيا من عدد كبير من ميزاتهم وحرياتهم الدينية وحقوقهم، فقاموا يطالبون بلا فائدة، وهكذا لما نفذ صبرهم وقاموا للمطالبة بحقوقهم جند أولئك النصارى جنودهم لكي يكتسحوا قرى المسلمين التي يتحصن فيها أولئك المدافعون؛ ليصبوا عليها جام غضبهم بنيران أسلحتهم، وتقصف المساجد قبل البيوت كما أوضحت ذلك صور الأحداث المنقولة في الوسائل العالمية، تستهدف المساجد أولاً، وهكذا تصب حمم السلاح على رءوس المسلمين فيقتل المدنيون ويشردون بالآلاف المؤلفة وفيهم -الآن- من نتيجة الحصار من الجوع والتشرد ما الله به عليم.
فإلى الله نشكو أمرهم وأمرنا وأمر المسلمين، ونسأله سبحانه وتعالى أن يعجل بكشف الغمة، وإنقاذ تلك الأمة المسلمة إنه سميع مجيب.
وقد تحالف الصرب مع المقدون النصارى ومع غيرهم من الأحلاف الأخرى الموجودة في الأرض على أولئك النفر القلة من المسلمين في مقدونيا، وجاء الدور على مقدونيا وكان ذلك معلوماً من قبل، بعدما صارت المذابح في البوسنة وكوسوفا جاء الدور على مقدونيا.
أيها الإخوة! ولا ننسى أيضاً أن إخواننا في فلسطين يعيشون تحت أنواع الحصار الذي يفرضه أولئك اليهود عليهم، يقللون من غاراتهم العسكرية تارة ويكثفونها أخرى، ويقتحمون ديارهم تارة وينسحبون أخرى، وهكذا في عمليات مدروسة لليهود ضد إخواننا.
وإننا لنعجب فعلاً من بطولات ذلك الشعب الأعزل المسلم في فلسطين المحتلة، ذهب أحد الذين يوزعون المساعدات يمشي في طريق من الطرق في تلك البلاد المحتلة بين المسلمين فاندلعت الاشتباكات فجأة في مكان قريب فدخل هذا مسرعاً إلى مكان يلتجئ فيه فقال له أحد المسلمين في فلسطين متأملاً ومتفرساً فيه: أنت لست من أهل هذه البلد، أليس كذلك؟ فقال: نعم، كيف عرفت؟ قال: لأنه عندنا إذا حدثت الاشتباكات من كان بالداخل يخرج إلى الخارج، وليس الذين في الخارج يدخلون إلى الداخل، ولذلك فإننا نعجب فعلاً من ثبات إخواننا العزل تقريباً في تلك الديار، ونحن ندعو لهم بأن يرزقهم الله مزيداً من الثبات، ومزيداً من القوة على مواجهة أعدى أعدائنا وهم اليهود، وندعو الله بأن ينصرهم وهم يقاتلون بالنيابة عن المسلمين في أرض فلسطين ولا نبخل بما نستطيع لأجل نصرتهم.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوحد المسلمين على توحيده، وأن يجمع صفهم وأن ينزل عليهم نصره وأن يسدد رميتهم، وأن يجعلهم حرباً على أعدائه سلماً لأوليائه إنه سميع مجيب.
اللهم عليك باليهود والنصارى والصليبيين، اللهم عليك باليهود والصليبيين، وسائر المشركين والمنافقين المرتدين يا رب العالمين، اللهم العنهم لعناً كبيرا، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، وأخزهم في الدنيا والآخرة وصب عليهم سوط عذاب، اللهم فرق شملهم، وشتت جمعهم، واجعل دائرة السوء عليهم، وائتهم من حيث لا يحتسبون، زلزل الأرض من تحتهم، وأسقط عليهم عذاباً من فوقهم، اللهم عطل أسلحتهم وخيب رميتهم، واجعل تدبيرهم تدميراً عليهم، اللهم أسقط دولتهم ومزقهم كل ممزق يا رب العالمين اللهم عجل بنصر المسلمين، عجل فرجنا يا أرحم الراحمين؛ سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.