من فوائد اليوم الآخر: أن الحساب فردي

ومن فوائد هذا اليوم: أن الحساب فيه فردي وليس جماعي، والله عز وجل لا يحاسب بالقوائم وإنما يحاسب كل فرد بما كسبت يداه: {يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا} [النحل:111]: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38] مرتهنة، مقيدة، محاطة بما كسبته.

بعض الناس يقول: الموت مع الجماعة رحمة، وما دام الناس يعصون أنا مثلي مثلهم، فيكون إمعةً، ويزين له الشيطان اجتماع الناس على المعاصي، فيقول: أنا واحد مثل هؤلاء، فيعصي مثلهم وكأنه يظن أن هؤلاء الناس سيشفعون له عند الله، وأن الناس ما دام أنهم تابعوا فلاناً وفلاناً؛ فإنهم عند الله معذورون بهذه المتابعة، ولكن {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة:166 - 167].

بعض الناس يقول: أسأل شيخ علم أو إمام مسجد وآخذ بفتواه وأنا أعلم أنها مخالفة للشرع، وهو يكون ستراً بيني وبين النار، أجعل بيني وبين النار شيخاً أو مطوعاً كما يقولون، كل هذه الهراءات تنسفها هذه الآية من كتاب الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر:38].

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان:33].

{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} [فاطر:18].

{لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} [مريم:94 - 95].

بعض الناس الذين يقولون: نحن نقلد تقليداً أعمى، يقلد من يثق به تقليداً أعمى، ما دام يأمرنا فنحن نطيع، وهو يقول وليس علينا شيء، التبعة عليه إن أساء.

نقول لهم: إن الله سيحاسب التابع والمتبوع، ولن يعذر الله التابع بسبب ضلال المتبوع، لماذا لم تفكر؟ لماذا لم تتدبر وتقول في نفسك: هل هذا الذي أمرني به فلان طاعة لله أم لا؟ لماذا التقليد الأعمى؟ إن الذين يحملون قياداتهم مسئوليات أنفسهم في الخير والشر هؤلاء لا يعذرون أمام الله أبداً، وسوف يقف القائد والمقود، والتابع والمتبوع، والمقلَّد والمقلِّد عند الله فيحاسبهم سبحانه وتعالى حساباً فردياً، كل واحد يحاسب بما فعل وبما عمل، فليست المسألة -أيها الإخوة- تقليداً أعمى وأننا نجري وراء فلان وفلان والإثم عليهم كلا.

أسأل الله العلي القدير أن يجعلنا وإياكم ممن يخشى هذا اليوم، ويعمل له الأعمال الصالحة، وأن يجعلنا سبحانه وتعالى ممن يخشاه في الغيب والشهادة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015