وكان من طريقة الإمام أحمد رحمه الله في باب الدعوة إلى الله، ما قاله أبو بكر المروذي قال: كان الإمام أحمد رحمه الله إذا بلغه عن شخص صلاحٌ، أو زهد، أو قيام بحقٍ، أو اتباع للأمر -يعني للسنة والجماعة - سأل عنه، وأحب أن يجري بينه وبينه معرفة، وأحب أن يعرف أحواله.
وهذا المنهج من الإمام أحمد رحمه الله في الدعوة والحركة مهم جداً، مهم جداً أن الإنسان المسلم إذا سمع بشخص فيه صلاح وتقوى، واتباع للسنة أن يتعرف عليه، وأن يستفيد منه، ونظم هؤلاء في سلك واحد مما يقوي دين الإسلام جداً؛ لأنه يجمع الجهود ويوجهها، ولذلك فإن كثيراً من الناس فيهم من الصلاح أشياء كثيرة، لكنهم متفرقون لا ينظمهم سلكٌ واحد، لو جاء إنسانٌ قدوة، فجمع هؤلاء ووجه طاقاتهم إلى الخير، واستثمر ما لدى هذا ولدى هذا من الأشياء لانتفع الإسلام جداً، الإمام أحمد رحمه الله كان يحاول أن يعرف أصحاب الطاقات في المجتمع الذين فيهم خير وصلاح، وفيهم دين، واتباع للسنة، يجري بينه وبينهم معرفة، فيستفيد الإسلام من هذه الجهود المتكاتفة.
وكان رحمه الله يعمق التصورات الإسلامية المهمة في الناس، فمثلاً: يدعو الناس إلى اتباع الكتاب والسنة، والإقبال عليهما، ويبين للناس خطورة رد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بل إنه بلغ من أمره في هذا أنه نهى الناس عن كتابة الرأي، يعني: كتابة الآراء، وأمرهم أن يقتصروا على الآثار، لخوف الإمام أحمد رحمه الله أن يترك الناس الكتاب والسنة ويتعلقوا بأقوال الرجال، ولذلك كان كتب أقوال بعض الرجال ثم تخلص من كتبه، وسأله رجل: أكتب كتب الرأي؟ قال: لا، قال: ف ابن المبارك قد كتبها، قال: ابن المبارك لم ينزل من السماء، إنما أمرنا أن نأخذ العلم من فوق.
يعني: القرآن والسنة؛ لأنه وحي من عند الله.