وبعض الناس -أيها الإخوة- يقع عندهم إشكال فيما إذا حلفوا على أمر ليس من البر، فأحياناً يحلف إنسان فيقول: والله لا أدخل بيتك والله لا أطأ عتبة دارك والله لا آكل من طعامك أو أشرب من شرابك والله لا آخذ منك قرشاً أو والله لا أعطيك قرشاً، كمن يحلف ويقول لزوجته: والله لا أعطيك ريالاً أو فلساً، أو يقول لولده: والله لا أعطيك بعد الآن ريالاً واحداً هذا الحلف -أيها الإخوة- إذا جئت تنصح الحالف وتقول له: اتق الله في أهلك، أنفق عليهم، أعط أولادك النقود التي يحتاجونها، ادخل بيت فلان هذا، كيف تقطعه وتقطع صلته؟ فبعض الناس يقولون: ولكني حلفت، إنني حلفت ألا أفعل هذا الأمر، فكيف أفعله الآن وقد أخذت ميثاقاً غليظاً على نفسي وأقسمت بالله ألا أفعله؟ هذا الإشكال حله بسيط، مع التنبيه بأن الحلف -أصلاً- بمثل هذه الأشياء لا يرضاه الله تعالى، كيف تقسم بأن تمنع النفقة عن زوجتك؟! وكيف تقسم ألا تدخل بيت جارك؟! كيف تفعل هذا؟! هو أصلاً لا يرضاه الله، لكن وقد حدث فلا تقل إذا دعيت إلى الخير والبر لقد أقسمت، والموضوع خرج من يدي، ماذا أفعل؟ يقول الله تعالى: {وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ} [البقرة:224] الآية والمعنى الذي قصد بهذه الآية: إذا دعيت إلى دخول بيت قد حلفت على عدم دخوله فلا تجعل الحلف بالله تعالى هو الذريعة أو ذريعة لا تجعل الحلف بالله هو عذر أو ذريعة لعدم دخول البيت وتحتج وتقول: لقد حلفت فما هو الحل؟ الحل أن تكفر عن يمينك وتدخل هذا البيت، وتكفر عن يمينك وتعطي المال للزوجة والولد، وما شابه ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لأن يلجّ أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه) متفق عليه.
أي: إن تمادي الإنسان في الحلف من هذا النوع، الحلف على ألا يفعل شيئاً من الخير، تماديه في الحلف وإصراره عليه آثم له عند الله من إخراج الكفارة وكسر اليمين، وإخراج الكفارة وفعل هذا الخير الذي منع نفسه منه بالحلف التمادي في اليمين آثم عند الله كما يقول صلى الله عليه وسلم، فالحل إذاً -يا أخي المسلم- أن تكفر عن يمينك، ثم تفعل هذا الشيء الذي منعت نفسك منه وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها -خلاف اليمين الذي حلفت عليه- خيراً منها فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك).