وكذلك -أيها الإخوة- فإنك إن سألتني عن هذا الحالف بغير الله، كالذي يحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم -مثلاً- ما حاله؟ هل هو مشرك كافر خارج عن ملة الإسلام؟ أم هو باق على إسلامه؟ فأقول لك: إن الجواب في هذا فيه تفصيل: فإن هذا الحالف إن قصد أن النبي صلى الله عليه وسلم، أو هذا الذي يحلف به كمن حلف بالكعبة أو حلف بأبيه أو حلف بشرفه إن قصد أن هذه المحلوفات أعظم من الله أو مساوية لله بالعظمة أو ما شابه ذلك، فهو كافر مرتد مشرك خارج عن ملة الإسلام، وإن لم يقصد هذا وإنما حلف بها لجهله أو سبق لسانه لأن مجتمعه كان متعوداً عليها؛ فهذا لا نخرجه عن ملة الإسلام ولا يعتبر كافراً.
ولكن من حلف بغير الله فعليه كفارة، يقول صلى الله عليه وسلم: (من حلف منكم فقال في حلفه: واللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله) من حلف بولي من الأولياء، أو بالشرف، أو بالأمانة، أو بصنم، أو بما سوى ذلك مما يسبق على لسانه ويجري؛ فعليه أن يقول: لا إله إلا الله، من قال: والنبي، ما هي كفارة هذا الحلف المحرم؟ أن يقول بعد أن يتذكر مباشرة: لا إله إلا الله، كما ورد في الحديث الصحيح.
وكذلك -أيها الإخوة- لقد كان صلى الله عليه وسلم يحلف بالله وصفاته، ومن صفات الله أنه يقلب القلوب، فكان عليه الصلاة والسلام يقول: (لا ومقلب القلوب) وكان يقول: (والذي نفسي بيده) وكان يقول: (وأيم الله) وهكذا من صفات الله تعالى وأسمائه.