أيها الإخوة: لقد ظهرت شجاعة الأطفال، فإذا كان هذا شأن الأطفال، فما هو شأن الرجال؟ ولو وجدت راية إسلامية وسلاح بأيديهم ماذا كانوا سيفعلون إذاً؟! لقد ظهر التلاحم بين المسلمين، وكان اليهود ليحسبوا حساب عرب إسرائيل في حدود ثمانية وأربعين -كما يسمونها- أن يقوموا بمثل هذا العمل! فإذا بهم يتصاعدون لمؤازرة إخوانهم وراء الخط الآخر المزعوم؛ لإثبات أن الإسلام هو النسيج الذي يربط بين هؤلاء جميعاً، وهكذا قدموا أيضاً قتلى، وظهر أن الهوية الإسرائيلية التي منحها اليهود لعرب الثمانية وأربعين لم تجدِ في تغيير ولائهم، بل تصاعد المجد الإسلامي بينهم ليكونوا لحمةً مع المسلمين في الطرف الآخر، وهكذا قام المسلمون في عدد من البلدان يتظاهرون تأييداً لإخوانهم المسلمين في الداخل، وسمع كلامٌ لم يكن يسمع من قبل في قضية إعلان الجهاد، وأنه الحل الوحيد، ونبذ الاستسلام والسلام الموهوم، والعودة إلى أن الذي أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
أيها الإخوة: إن هذا التخطيط المسبق من اليهود لهذه القضية التي حصلت، وهذه الجرائم التي صارت؛ أيقظت في نفوس المسلمين الحمية.
إن هذه الأمة التي جرى تنويمها بالأفلام والملاهي والألعاب وغير ذلك من ألوان الترف، والتي جرى تخديرها بالمغنين والمغنيات، والراقصين والراقصات، والممثلين والممثلات، والسياحات والسفريات، وغير ذلك من أنواع الملهيات، إنها لتستيقظ اليوم وهي ترى هذه الدماء في أرض فلسطين، حتى اضطرت بعض جهات الفسق إلى تغيير برامجها مواكبةً للحدث، ومراعاة لمشاعر الجماهير كما يقولون، فأصبحت -بزعمهم- أكثر جدية من ذي قبل، وهذه ملاحظة مهمة: أن تكون القضية فرضت نفسها؛ بحيث إنهم اضطروا إلى أمور من تغيير البرامج مواكبةً للحدث.
أيها الإخوة: إن مشاركة المسلمين لإخوانهم في المشاعر، والتعبيرات التي ظهرت في الشارع الإسلامي جميعه، تدل على أن مفهوم الجسد الواحد يمكن أن يعود، وكذلك فإن ارتفاع الأصوات التي تدعو إلى الجهاد تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الخطوة القادمة لهذه الأمة أنه لامناص منها إطلاقاً، وأن الجهاد أمرٌ يفرض نفسه؛ لأن هذا الاحتلال لأرض الوقف الإسلامي أرض فلسطين، التي لا يجوز التنازل عن شبر منها؛ لا يمكن إزالته إلا بالجهاد، وبالانتقام لله من هذه الشرذمة الذين قالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة:64].
وليست القضية قضية قديمة؛ فهذا موفادي يوسف كبير حاخاماتهم وأحبارهم، يقول: إن الله ندم على خلق الفلسطينيين!! فسب الله مستمر من اليهود قديماً وحديثا، فهم أمةٌ واحدةٌ ملعونة، وخط ملعونٌ مستمر في التاريخ من أول ظهورهم، هكذا كانوا يقتلون الأنبياء، ويعيثون في الأرض فساداً، ويسبون الله تعالى.
وضعوا السم للنبي عليه الصلاة والسلام، وتآمروا عليه وعلى المسلمين، واشتركوا في المؤامرة مع كفار قريش والمنافقين، والخيانة مستمرة والقضية مستمرة، وكما حُلَّت بالجهاد في الماضي فإنها لا تحل إلا بالجهاد في الحاضر.
أيها الإخوة: لقد رأينا وقاحتهم وهم يطلبون من الفلسطينيين الكف عن إطلاق النار، وضبط النفس، أي ضبط للنفس في هذا الموضوع؟! وكيف يملك أن يضبط نفسه من يرى أفراد أسرته يقتلون، ومنزله وغرف بيوته تهدم بقذائف صاروخية؟! ثم يقولون: ضبط النفس!! ورأينا -أيها الإخوة- كيف يتآمر الإعلام الغربي النصراني الحاقد مع الإعلام اليهودي وبينهما نسب كبير في قضية طمس الصورة الحقيقية وتشويه الأحداث، فالتركيز -مثلاً- على صورٍ لفلسطينيين قلة وندرة يطلقون رصاصاً من مسدس أو بندقية؛ لكي يظهروا للعالم ويوهموا الناس أن القضية قضية حرب جيشين أي جيشين؟! ومن هو الجيش الآخر؟ معظم الناس الذين اشتركوا من المسلمين بالحجارة وبأيديهم، ولو كانت الأسلحة موجودة فعلاً بأيدي مؤمنين حقاً لتغيرت النتيجة منذ أيام، وانقلبت القضية.