لقد أظهر هذا الحدث بشهادة الجميع حتى الكفار أموراً متعددة، لقد صرحوا بأنه فاجأ العالم بأمور كثيرة، ومن ذلك أيها الإخوة: البطولة العجيبة التي أظهرها المسلمون في أرض فلسطين، فيتصدى المسلمون لليهود المتترسين المتصفحين الذين يطلقون الرصاص الحي وغيره على المسلمين فأي شجاعة وأي جرأة تلك التي انبعثت في المسلم الذي يتصدى للرصاص بالحجارة؟! ولو كان -يا ترى- عند المسلمين سلاح فكيف سيكون الأمر؟! إذاً: هذه الأمة قابلة للعمل والإحياء، وقابلة للتصدي والجهاد، وفي أفرادها جرأة وشجاعة تنقصهم قيادة راشدة، وخطة حكيمة، وإعداد جيد، واستعداد على منهج الآية: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] المسلمون لم يهربوا عندما أطلق اليهود الرصاص عليهم، بل بقوا في الشوارع يذهبون يجرون ويركضون ويغيرون مواقعهم، ويصعدون الأسطحة، يرشقون الحجارة بالمقلاع بقذائف المولوتوف بما تيسر، تقدم الأسر القتلى تلو القتلى ويصعدون الأسطحة لقلع الأعلام الإسرائيلية.
لقد ظهرت أمور عجيبة، ومن ذلك: شجاعة الصبيان، وهذه قضية بالتأكيد قد فاجأت اليهود أنفسهم، فلا ينسى العالم مشهد ذلك الصبي ذي الأربعة عشر عاماً الذي صعد السطح لكي يقلع العلم اليهودي الإسرائيلي، وطائرات الهيلوكبتر تلاحقه، وزخات الرصاص تحاصره، والقناصة الإسرائيليون من النوافذ يطلقون النار عليه، ويمضي وهو مصاب بعدما اقتلع العلم ليرقد خمساً وأربعين دقيقة في الشارع حتى يتم إنقاذه إلى المستشفى وهو ينزف.