الدنيا بكل ما فيها من المصانع اليوم والمزارع الضخمة والعمارات الشاهقة والمخترعات أهون على الله من جدي ميت صغير الأذنين على أهله، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب المثال تلو المثال في توضيح هذه القضية إصراراً منه صلى الله عليه وسلم على أن تكون المسألة حية في حس الناس، قال: (إن مطعم ابن آدم قد ضرب مثلاً للدنيا) الطعام الذي نأكله في دخوله وخروجه مثل للدنيا، قال عليه الصلاة والسلام: (وإن قزحه وملحه فانظر إلى ما يصير) فهات أشهى طبق من أطباق الطعام في الدنيا بعد تحسينه وتمليحه ماذا يصير عند خروجه من الآكل، ماذا يصير برائحته وبمظهره ومنظره؟! هكذا الدنيا.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على أن يبين لنا أيضاً أن العبادة أهم من الدنيا وما فيها، وأن الشيء اليسير من الجنة أغلى وأعلى من الدنيا وما فيها فقال صلى الله عليه وسلم: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله -في أول النهار- أو الغدوة -في آخر النهار- خير من الدنيا وما عليها) وقال عليه الصلاة والسلام: (لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم -موضع القوس- أو موضع قدمه في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحاً ولأضاءت ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها) رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح.