ثانياً: المجاهدة.
إن من أعظم وسائل تغيير الأخلاق السيئة إن لم تكن هي أهمها على الإطلاق، كيف يكتشف الإنسان أن لديه خلقاً سيئاً؟ إذا حصلت حادثة -مثلاً- غضب، وقال كلمة سيئة، أو أتى بتصرف غير صحيح، يعرف أن عنده خلقاً سبباً: سوء غضب، أو فحش في الكلام، فماذا يفعل في المواقف التي يستثار فيها؟ ينبغي أن يكبت نفسه، ويمسك نفسه، ويصبر عن أن يتكلم بكلمة فحش، أو يأتي بتصرف غير لائق بالمسلم.
وإذا دعي إلى الإنفاق فإن النفس تقول له: أحجم، اتركها لأولادك، الظروف لا تسمح الآن بالإنفاق، الآن لا بد أن نوفر، فالمجاهدة أن يحمل نفسه على الإنفاق، ويرغمها على الإنفاق، ويعطي بسخاء، فيزول هذا الشح من نفسه ويحل محله الكرم والسخاء والجود، إذا هو أدمن هذه العادة وهي الإنفاق في سبيل الله ومقاومة النفس، فمجاهدة ومقاومة النفس هي الأساس، والله وعد خيراً فقال: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69] وكثير من الشباب والناس عموماً يحاولون ويجاهدون أنفسهم، فشخص يقول لك: أنا إنسان حمقي سريع الانفعال، شديد الغضب، وأحاول في نفسي وأجاهد نفسي، لكنني أفشل أحياناً، فهذا الفشل شيء مفهوم؛ لأن هذه الجبلة التي عندك لا يمكن أن تغيرها بين عشية وضحاها، فهي ستنجح أحياناً وسوف تفشل أحياناً، هذا أمر مفهوم واضح.
ولذلك فإن اليأس بسبب الفشل في بعض الأحيان لعملية المجاهدة شيء مذموم يحتاج إلى تغيير، ولا بد أن يكون الأمل في نفوسنا ونحن نحاول أن نغير أخلاقنا.