الحمد لله الذي لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، لا إله إلا الله يفعل ما يشاء، لا إله إلا الله الحي القيوم، لا إله إلا الله مالك الملك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، أشهد أنه عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه إلى يوم الدين.
ومن أعظم أتباع الشيطان: اليهود والنصارى والمشركون، الذين عاثوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، هؤلاء الذين يقتلون إخواننا يومياً، يقتلون المسلمين في أرض فلسطين، ويقتلونهم اليوم في البوسنة، ويقتلونهم اليوم في الهند، هؤلاء الكفرة المشركون عباد الشيطان الوثنيون.
إن هذه الحادثة التي حدثت مؤخراً من إقدام الهندوس الكفرة الوثنيين عبدة الشيطان والأصنام، الذين يعتقدون البقرة إلهاً، ويستعد أحدهم ليحرف قطاراً عن مساره من أجل بقرة، عقولهم الوثنية التي تجعلهم يستحمون في نهرهم المقدس ويحرقون المرأة بعد موت زوجها، لأنه لا قيمة لها عند ذلك.
هذه التقاليد العفنة التي أورثها الشيطان لأولئكم القوم، والذين قاموا اليوم بتحريكٍ من أوليائهم من اليهود والنصارى بهدم مسجد تاريخي للمسلمين مسجد البابلي في الهند، هؤلاء الذين فعلوا فعلتهم ثم أتبعوها بفعلة أشنع وأقسى، ولكن كثيراً من الناس عنها غافلون، ألا وهي الإقدام على قتل المسلمين الذين احتجوا في الهند على هدم المسجد بالرصاص، حتى بلغت الإحصائيات المعلنة نحواً من تسعمائة شخص حتى الليلة الماضية.
وزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مؤمن بغير حق، وقتل المؤمن أعظم من هدم المسجد، ولكنهم أتبعوا هدم المسجد بقتل نحو من تسعمائة مسلم، هذا ما أعلن وما خفي كان أعظم، قتل المؤمن أشد من هدم المسجد، ولكنهم قتلوا مؤمنين ومسلمين كثر، وأنت يمكن أن تعرف حجم المأساة في صبيحة ذلك اليوم الذي وصلت فيه الأخبار أنك لو دخلت إلى البقالات والدكاكين التي يوجد بها عمال مسلمون من الهند، لوجدت حجم الكارثة على وجوههم، ونحن غافلون، ونحن نوظف الكفرة من الهندوس في الوظائف المختلفة عندنا.
يا أصحاب الأعمال! توبوا إلى الله، أما كفاكم أن يقوموا بتقتيل إخوانكم وهدم مساجدكم ونحن أمة واحدة لا فرق بين شرقيها وغربيها، ثم توظفونهم وتعطونهم الرواتب لكي يدفعوا منها إلى منظماتهم المنحرفة هناك، لتقوم بتمويل أعمال الاضطهاد ضد المسلمين، وتقوونهم اقتصادياً بهذه الرواتب والتحويلات الهائلة، حرام عليكم أن تفعلوا ذلك، كيف وقد نهاكم نبيكم أن تبقوهم في جزيرة العرب، فاتق الله يا من تستخدم هندوسياً أو كافراً وقد أعلنوا الحرب على إخوانك، ثم أنت توظفهم فلعنة الله على الظالمين.
ثم إن هؤلاء الهندوس قد فرحوا حتى وهم بين أظهرنا، ووزعوا الحلويات وهم بين أظهرنا بعد هدم المسجد، أقصد الذين يعيشون بيننا منهم ويشتغلون عندنا وزعوا الحلويات فرحاً بهدم المسجد.
يا من وضعت المسلمين والكفار في سكن واحد! كيف شعور إخوانك وهؤلاء يكيدون لهم ويغيظونهم الآن بعد هدم المسجد؟ أين رجل الأعمال المسلم، والتاجر المسلم، والمقاول المسلم، وصاحب البيت المسلم وهو يوظف هؤلاء الكفرة؟ نعم.
هم تآمروا على أن يجعلوا الوظائف، وعمال الاستقدام، ومكاتب الاستقدام تدفع بهم إلينا، لكن نحن لنا عقول ولنا وسائل، والمفروض أن نتجه لنصرة دين الله.
لقد نوى أمير المؤمنين عمر أن يفتح الهند، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار: عصابة تغزو الهند وعصابة يقاتلون مع المسيح ابن مريم) إذاً: هذا الجيش الذي فتح الهند ووصل إليها أحرزه الله من الشيطان، وأحرزه الله من النار بشارة بفتح الهند.
وقد تولى البداية في ذلك محمد بن القاسم رحمه الله تعالى لما استولى الوثنيون على سفينة فيها نساء للمسلمين، فاستنجدن بالمسلمين فجرد الجيش، وفتحت الأطراف، وخاض المسلمون البحر إليهم ودخلوا الدبيل وهي مدينة كراتشي اليوم، ثم اكتملت الفتوحات الإسلامية، وأشهر من توغل في بلاد الهند من المسلمين محمود بن سبكتكين الغزنوي رحمه الله، الذي انطلق من قاعدته غزنة في أفغانستان ليدخل بلاد الهند فاتحاً منصوراً، مكسراً أصنامهم، هادماً لمعابدهم، رافعاً راية التوحيد، عاملاً بين كل ثلاثة أميال مسجداً ورتب له إماماً ومؤذناً، وارتفعت راية التوحيد في بلاد الهند، فقتل الله من ملوكهم خلقاً عظيماً، قاتلوا المسلمين بالفيلة ولكن الله نصر عسكر التوحيد، هذا السلطان الذي آثر ما عند الله على أن يُعطَى من الجواهر واللآلئ والذهب والفضة مقابل أن يترك صنمهم الأعظم، لكنه آثر أن ينادى: يا عبد الله هادم الصنم عند الله يوم القيامة، أحسن من أن يقال: يا عبد الله يا آخذ اللآلئ والذهب والجواهر والفضة مقابل أن تتركها لهم.
هؤلاء اليوم يريدون القضاء على تاريخ المسلمين في الهند، حتى لو كان هناك مساجد لا يصلى فيها فهم يريدون هدمها، ولعلهم قد وقتوا ذلك مع هجوم شنيع على عاصمة البوسنة سراييفو، لتكون المصائب مجتمعة على المسلمين في آن واحد، وهذا تخطيط ماكر ولا شك، يريدون إيقاع المصائب متعددة في وقت واحد للمسلمين، فيوقتون هذه الأشياء لِنُصاب نحن بالإحباط، ونحن مع اعتقادنا ويقيننا أننا أكثر أمة مستهدفة في العالم.
نحن الذين نعرف كما اعترف اللورد البريطاني في الهند حينما كانت مستعمرة، قال: إننا نرى أن عدونا الأكبر هم المسلمون، إن هؤلاء القوم في قلوبهم عداوة لنا شديدة فلا بد أن نتجه إلى الهندوس، ولذلك في أيام الاستعمار ولوهم المناصب وأعطوهم أشياء كثيرة جداً، حتى آل الحال إلى ما آل إليه الآن، رغم أن الهند كانت تحكم قروناً بالإسلام.
إن جمع المصائب على المسلمين، وإغراق المسلمين بالأخبار السيئة والهجمات الشرسة التي يراد منها إحباط روح المعنوية، إنها -أيها المسلمون- خطة ماكرة، ولكننا على ثقة بأن الله سينصر دينه، المهم أن ننصر الله حتى ينصرنا الله، فإذا لم ننصر الله ولا شريعة الله ولا دين الله فكيف ينصرنا الله.
ولذلك: فإننا نتوجه إلى الله العلي العظيم مالك الملك الجبار، اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، نسألك بأسمائك الحسنى أن تنصر الإسلام والمسلمين، وتقمع الكفر والكافرين، اللهم أفشل مخططات الكفار، واجعل كيدهم في نحرهم، واجعل دائرة السوء عليهم، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم الكافرين، واشدد وطأتك عليهم يا قوي إنك على كل شيء قدير.
اللهم اجعل بأسهم بينهم، واردد سهامهم في نحورهم، ورد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً، اللهم اهد فاسقنا إلى الدين، وثبت المهتدي منا على السنة والحق المبين، اللهم طهر بيوتنا من المنكرات، اللهم أصلح ذرياتنا ونياتنا، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.