التصاوير التي تصور والرسوم

الحمد لله الذي لا إله إلا هو، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، بين للناس ما أنزل إليهم من ربهم، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى من تبعه بإحسان واستقام على سنته إلى يوم الدين.

أيها الإخوة! ومن الأمور التي تساهل فيها كثيرٌ من الخلق في هذا الزمن: هذه التصاوير التي يصورونها؛ عن عائشة رضي الله عنها أنها اشترت نمرقة -مخدة أو مرتفق- فيها تصاوير، صور ذات الأرواح على هذا القماش، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، فقالت: (يا رسول الله! أتوب إلى الله ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال هذه النمرقة؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم) ثم قال عليه الصلاة والسلام: (إن البيت الذي فيه صور لا تدخله الملائكة) ثم تعال وقل بعد ذلك: إن المقصود بها التماثيل، تماثيل على القماش، أم أنها صور ذوات الأرواح؟! وقال صلى الله عليه وسلم لها أيضاً: (أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، وأن من صنع هذه الصور يعذب يوم القيامة فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم) زاد في رواية أنها قالت: (فأخذته فجعلته مرفقتين، فكان يرتفق بهما في البيت) أزالت الوجه وقطعته وجعلته مرفقتين، تصرفت بالقماش، أزالت الصورة فصار صلى الله عليه وسلم يستعمله، حديث صحيح.

وجاء رجل إلى ابن عباس فقال: (إني رجل أصور هذه الصور فأفتني، فقال له: ادن مني، فدنا منه، ثم قال: ادن مني، فدنا منه، حتى وضع يده على رأسه وقال: أنبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل مصور في النار، يجعل له بكل صورة صورها نفساً فيعذبهم في جهنم) ثم قال له: (إن كنت لا بد فاعلاً فاصنع الشجر وما لا نفس له) ما دامت ليست من ذوات الأرواح افعل، وفي رواية عن النضر بن أنس قال: كنت جالساً عند ابن عباس، فجعل يفتي ولا يقول قال رسول الله، حتى سأله رجل فقال: إني أصور هذه الصور، فقال ابن عباس ادن، فدنا الرجل، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ، فربا الرجل ربوة شديدة، واصفر وجهه، فقال ابن عباس: ويحك! إن أبيت إلا أن تصنع فعليك بهذا الشجر) كل شيء ليس فيه روح إن أردت أن تصنع فاصنعه.

قارن بين هذا وبين الصور المعلقة اليوم في بيوت الناس، والتماثيل التي يزينون بها الرفوف في بيوتهم، ويشترونها بالأثمان الباهظة، يبذرون أموالهم في الحرام، ويكونون سبباً لعدم دخول الملائكة إلى بيوتهم، ويدخلون في هذا الوعيد الوارد في الأحاديث، وتأمل في حال بعض مدرسي التربية الفنية في المدارس الذين يأمرون التلاميذ والتلميذات برسم صور ذوات الأرواح، أو يقولون: هذه وسائل فنية فينحتون منها هذه التماثيل على شكل صور ذوات الأرواح، مالهم وهم يأمرون بإحيائها يوم القيامة، وإنما تباح الصور في حال الضرورة كالوثائق الرسمية، وتتبع المجرمين، ونحو ذلك من الحاجات التي تمس الضرورة وتدعو إليها في بعض الأحيان، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أشد الناس عذاباً عند الله المصورون) وقال في الحديث الصحيح: (لعن الله المصورين).

وكذلك من المنكرات التي يتساهل فيها بعضهم قوله عليه الصلاة والسلام: (من تحلم كلف أن يعقد بين شعيرتين) الذي كذب في المنام وذكرنا ذلك، ثم قال: (ومن استمع إلى حديث قوم يسرونه عنه صب في أذنيه الآنك يوم القيامة) الذي يتجسس على الناس بغير حق، ويسمع كلامهم وهم لا يريدون أن يصل إليهم، فإنه يصب في أذنيه الآنك؛ الرصاص الأسود المذاب في أذنيه يوم القيامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015