ولابد في كل دين وطاعة ومحبة من شيئين: الأول: الدين المحبوب المطاع، وهو الشيء المقصود.
الثاني: نفس صورة العمل الذي تُطاع ويُعبد بها، وهي السبيل والطريق والشريعة والمنهاج والسبيل.
فإذن كل دين فيه غاية ووسيلة: الغاية: هي الشيء المراد، أي: وجه مَنْ أردت بالعمل.
الوسيلة: صورة العمل التي يعبد بها ويراد بها الوجه، ويقصد بها السبيل والطريق والشريعة والمنهاج.
فهنا لابد أن يتحقق الأمران إذا أردت السلامة يا عبد الله! للنجاح في الجواب على سؤالين عظيمين يوم القيامة عن كل عمل عملته: لم وكيف؟ لم: هي قضية الغاية، وكيف: هي صورة العمل والوسيلة، كيف كانت؟ وبناءً على أي منهج؟ ومتابعة لأي شريعة؟ وهذا معنى قول الله عز وجل: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2] قال الفضيل بن عياض: أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي! ما أخلصه وأصوبه؟ قال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، فالخالص لله، والصواب موافقة السنة.
فهكذا يجمع الدين هذين الأمرين، المعبود والعبادة: المعبود: هو الله وإخلاص القصد لله.
والعبادة: هي اتباع السنة والإتيان بالعمل على الصورة الصحيحة الموافقة للسنة.
وأصحاب الأديان قد يقولون لك: نحن نعبد الله، ولكن إذا جئت إلى الوسائل -إذا سلمنا أنهم فعلاً يعبدون الله- فهي تختلف ولذلك لنا شريعتنا ومنهاجنا ولهم شريعتهم ومنهاجهم، ولا يجوز لنا أن نوافقهم في ذلك، لكل جعلنا شريعة ومنهاجاً: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج:67].