ومن الأمور التي يحذر منها كذلك في قضية الأسئلة: إشغال المشايخ بالأمور التافهة، مثل أسئلة المسابقات، وهذه كثيرة، وبعد كل رمضان الأسئلة تكثر في المسابقات، أي شيء ينزل في مسابقة المدرسة، مسابقة كلية، مسابقة جامعة، مسابقة هيئة، مسابقة محل تجاري.
يا شيخ! من هو أول شهيد في الإسلام؟! يا شيخ من هي أول سرية خرجت؟! يا شيخ! كم مرة ذكر العسل في القرآن؟! ثم افرض أن السؤال شرعي وإسلامي، سؤال المسابقة موضوع للناس لكي يبحثوا بأنفسهم، وليس لكي يتصل ليمليه الأسئلة صح خطأ، وهذا شيء يفعله ضعفاء النفوس، يفعله أناس لا يقيمون وزناً لأوقات أهل العلم، ولا للمشايخ، ولأنفسهم هم أيضاً، ولذلك قال لي بعض العلماء: أي سؤال أحس أنه سؤال مسابقات لا أجيب عليه، أقول: ابحث أنت، مطلوب منك أن تبحث أنت، ممكن أن نعذر طالباً صغيراً، فسأل سؤالاً، دعه يعتاد سؤال العلماء، أو سؤال المشايخ، أو سؤال طلبة العلم، بل نشجعه ولو كان سؤال مسابقة، لكن واحد كبير، إنسان في جامعة، واحد ناضج بلغ من السن مرحلة لا بأس بها، يأتي يسأل الشيخ سؤال مسابقة.
ومن الأمور المهمة كذلك: عدم السؤال عن الغرائب، وعما لا ينتفع ولا يعمل به، وعن الفرضيات التي لم تحدث، هذا كلام ذكره أهل العلم في كتبهم، وما لم يكن؛ سؤال الفرضيات، قال المروزي رحمه الله: قال أبو عبد الله - الإمام أحمد - سألني رجل مرة عن يأجوج ومأجوج أمسلمون هم؟ فقلت له: أأحكمت العلم حتى تسأل عن ذا؟ وقال أحمد بن القطيعي: دخلت على أبي عبد الله، يعني: الإمام أحمد فقلت: أتوضأ بماء النورة؟ نورة خالطت الماء أتوضأ به؟ فقال: ما أحب ذلك، فقلت أتوضأ بماء الباقلاء؟ قال: ما أحب ذلك، قال: ثم قمت فتعلق بثوبي، وقال: ماذا تقول إذا دخلت المسجد؟ فسكت، فقال: ماذا تقول إذا خرجت من المسجد؟ فسكت، فقال: اذهب فتعلم هذه، قبل أن تسأل عن الوضوء بماء الباقلاء، تعلم دعاء دخول المسجد والخروج من المسجد، وهؤلاء التلاميذ تعلموا وأصبحوا جهابذة، بفضل هذه التربية.
عن ابن عباس قال: (ما رأيت قوماً كانوا خيراً من أصحاب رسول الله صلى الله وعليه وسلم، ما سألوا إلا عن ثلاث عشرة مسألة حتى قبض، كلهن في القرآن، وماكان يسألون إلا عما ينفعهم) فكر قبل السؤال هل هذا السؤال يفيدك أم لا، ينفعك أم لا، سؤال عملي أم افتراضي لا يحصل إلا نادراً جداً؟