الاستعداد النفسي والتهيئة قبل السؤال

ومن الآداب كذلك: الاستعداد النفسي وتهيئة المكان قبل السؤال، أو تهيئة النفس، مثلاً بعض الناس قد يتصل بالهاتف ليسأل الشيخ، ولا يجهز نفسه أو يذهب مثلاً إلى غرفة هادئة، أو يكتب السؤال أمامه، فيتصل فيقال له: مشغول، مشغول، يطلع في المرة العاشرة، يقول له الشيخ: نعم.

السلام عليكم.

وعليكم السلام.

والله يا شيخ نسيت السؤال!! إذاً اكتب السؤال، ثم اطرحه.

فوجئت بردك يا شيخ ونسيت كل الأسئلة، كان عندي مائة سؤال، لكن كلما أتصل يقال: مشغول، وفي الأخير لما وجدتك ضاعت كل الأسئلة.

أو لحظة يا شيخ واحد يدق الباب، يا شيخ الخط الثاني يشتغل، لحظة يا شيخ الولد يلعب بالتلفون، لحظة يا شيخ الزوجة تتكلم، أنت هيئ مكاناً، ثم لو طرأ طارئ لعله يعذرك، لكن لا بد أن تهيء مكاناً وأن تجهز نفسك، تضع ورقة الأسئلة أمامك، بعض الأحيان واحد يتصل على الشيخ، ثم يقول: لحظة يا شيخ أبحث عن ورقة الأسئلة، ضاعت بين الأوراق، فإذاً لا بد من الإعداد والتجهيز، لأن الآن هذا لعالم، سؤال العالم يجب أن يحترم ويوقر، ويحفظ وقته، وتحفظ أنت ماء وجهك أيضاً، ولا تجلب لنفسك الكلام الذي لا داعي له.

كذلك من الأمور القبيحة جداً، وأشرنا إليه ونعيد التأكيد عليها: سعي بعض السائلين من أصحاب النوايا السيئة إلى أن يصادم كلام المفتين بعضهم لبعض، فيقول بعد أن يجيب الشيخ: لكن الشيخ الفلاني قال بخلاف قولك، أو قال غير كذا مثلاً، فهذا قلنا ليس من الأدب، وما تقصد؟ هل تريد أن تحرجه؟ لماذا اتصلت أصلاً؟ ما هو الباعث لك على العمل؟ ومن الأمور التي ينبغي أن يحذر منها كذلك: صياغة السؤال بطريقة تقود الشيخ للإجابة التي يريدها السائل، وعدم التجرد في طرح السؤال، بعض الأحيان تقرأ أسئلة ما بقي إلا أن الشيخ يبصم عليها، أو يضع ختمه فقط، ولذلك لا بد أن يتجرد السائل أثناء الكتابة، ولا يكتب أو لا يتكلم بشيء كأنه يملي على الشيخ الجواب، يقول: يا شيخ ما حكم كذا وكذا وأنت تعلم يا شيخ أن هذا منهي عنه، فما هو الحكم؟ فماذا تقصد إذاً؟ ومن الأمور الحساسة الخطيرة أيضاً: ما يعمد إليه بعض الناس المتخاصمين في مسألة شرعية، فيتخاصمون في المسألة كل واحد يقول هذه حكمها كذا والآخر يقول: حكمها كذا، ثم يتحاكمون إلى شيخ، كل واحد يزين الواقعة حسب ما يوافق القول الذي قال به، يزين الواقعة والحادثة ويكيفها لا بحسب ما حدثت كما هي الأمانة، وإنما بحسب ما قاله هو لصحابه واختلفا عليه، وكثير من الناس يحصل بينهم في مجلس شيء، فيتحدى بضهم بعضاً، ثم يتصلون بالشيخ، فلا بد إذاً من التجرد، ولا يصح أن تجعل كلام الشيخ انتصاراً لنفسك، وإنما تجعل كلام الشيخ لتنتصر للحق، فكثير من الناس يريد من الشيخ أن يوافق قوله، ولو قال الشيخ بخلافه لقال: لكن يا شيخ انظر في المسألة، كأنه يريد أن يوافق الشيخ قوله، حتى لا يرجع إلى الناس بجواب يحرج به، فإذاً ما هو هدفنا؟ البحث عن الحق، وليس إفحام الناس؟ هدفنا أن نبحث عن الحق، لا أن نظهر بمظهر أننا انتصرنا في المعركة والكلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015