هذه القصة رواها سعيد بن جبير، وهو تابعي أخذ التفسير عن ابن عباس، وأخذ الحديث عنه أيضاً، وقد قتله الحجاج ظلماً، ولما حضرت الحجاج الوفاة جعل سعيد يعرض له، يرى الحجاج نتيجة الظلم وهو على فراش الموت، فكان يقول: ما لي ولـ سعيد، ما لي ولـ سعيد!! سعيد بن جبير من سادات التابعين، ومن كبار العلماء، وكان في ليلة بأعلى المسجد، فقال لمن حوله من الطلاب: [سلوني قبل ألا تروني -ولعله كان رحمه الله يتوقع مَنِيَّتَه، فسأله القوم وأكثروا السؤال لما أحسوا أنه يودعهم- فكان مما سُئِل عنه أن قال رجلٌ: أحقٌ ما سمعنا في المقام -مقام إبراهيم- أن إبراهيم حين جاء من الشام حلف لامرأته ألا ينزل بـ مكة حتى يرجع] أي: كان بين سارة -أو سارَّة لأنها كانت تَسُرُّ زوجَها إذا نظر إليها تَسُرُّ مَن نظر إليها- كان بينها وبين هاجر غيرة، فإبراهيم عندما أراد أن يذهب من عند سارة من الشام إلى مكة إلى الوادي الذي ترك فيه هاجر كأنه حلف لامرأته ألا ينزل بـ مكة حتى يرجع، حتى لا يطيل المقام عند الأخرى، فقرَّبت إليه أم إسماعيل المقام فوضع رجله عليه حتى لا يحنث في يمينه، بل ينزل على الحجر.
الآن هذا سائل يقول لـ سعيد بن جبير: هل هذا الكلام صحيح؟ هل قصة المقام هكذا؟ - فقال سعيد بن جبير: ليس هكذا، حدثنا ابن عباس وساق الحديث.
وفي رواية قال: [يا معشر الشباب! سلوني، فإني قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم، فأكثر الناس مسألته، فقال له رجل: أصلحك الله، أرأيت هذا المقام هو كما نتحدث؟ وأورد له سؤالاً مشابهاً، فقال: ليس كذلك] ثم ساق القصة.