الأسرة هي نواة المجتمع وأساسه

يا إخواني لو تلفتنا يميناً وشمالاً وسمعنا الأخبار لوجدنا أن هناك كثيراً من المآسي حاصلة في المجتمع بسبب الانحرافات الموجودة في الأسر وما المجتمع إلا أسر، فإذا صلحت الأسر صلح المجتمع، وإذا فسدت الأسر فسد المجتمع، وكل واحد فينا له أهل، الشاب له أهل، الكبير والصغير له أهل في الغالب، إذا حصل الاهتمام بهؤلاء الأهل صلح المجتمع؛ ولذلك يجب أن نؤكد على هذه القضية الخطيرة وهي: تربية الأهل ودعوتهم وإصلاحهم لوقايتهم من عذاب النار.

أدرك أهلك قبل أن يحترقوا كيف نفعل؟ كثير من الشباب يتساءلون: نحن مع إخواننا في الله نتفاهم، نحن مع إخواننا في الله نتجالس، ونتذاكر، ونشتغل بالدعوة، وبطلب العلم، وباللقاء مع الإخوان وزيادة الإيمان، لكن مع أهلينا قد نشعر كثيراً بالفشل وأننا لا نؤدي دورنا ماذا نفعل؟ الزوج ماذا يفعل مع زوجته؟ الأب ماذا يفعل مع أولاده؟ الابن ماذا يفعل مع أبيه وأمه؟ الأخ ماذا يفعل مع إخوانه وأخواته؟ الأخت ماذا تفعل مع إخوانها وأخواتها؟ هناك أدوار عظيمة جداً، تستغرب أحياناً عندما يقول لك بعض الناس: الوقت عندي لا أعرف بماذا أملؤه؟ هل نظرت إلى أقرب الناس إليك في من حولك، وفي بيتك؟ هل نظرت إليهم فرأيت ماذا يحتاجون؟ وهل تعمل على وقايتهم فعلاً من النار كما أمر الله سبحانه وتعالى؟ نحتاج لوقاية أهلينا من النار إلى أمور كثيرة تقدم ذكر بعضها في كلام السلف الذين فسروا الآيات، ومن ذلك أيضاً: تعليمهم، قال البخاري رحمه الله تعالى: باب تعليم الرجل أمته وأهله، أخذه من قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لهم أجران -ذكر منهم- ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران) قال ابن حجر رحمه الله: مطابقة الحديث للترجمة في الأمة بالنص وفي الأهل بالقياس، إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء، فإنه إذا حث على الاعتناء بالإماء فالاعتناء بالأهل الحرائر أولى وأوجب لأنك منهم نسباً وهم منك.

وحتى لا يقول أحد: أنت تتكلم للأب والزوج ونحن الشباب دورنا ضئيل في هذا الموضوع فأقول: لا.

خذ هذا الحديث: عن أبي سليمان مالك بن الحويرث قال: (أتينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون -شباب- فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنا اشتقنا أهلنا وسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه، وكان رفيقاً رحيماً فقال: ارجعوا إلى أهليكم فعلموهم ومروهم وصلوا كما رأيتموني أصلي الحديث) رواه البخاري.

وكان النبي عليه الصلاة والسلام يهتم بتعليم النساء، وأتاهن في خطبة العيد فوعظهن موعظة خاصة، وجعل لهن يوماً يحاضرهن فيه وواعدهن بيتاً من البيوت.

إن القضية -أيها الإخوة- جد خطيرة، ولذلك اعتنى بها إمام الأنبياء وسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

فهل علمنا أهلنا ما يحتاجون إليه من الدين؟! هل علمناهم ما هو حق الله، وما هو حق رسوله صلى الله عليه وسلم؟ أدعوناهم إلى عبادة الله وقمنا بتربيتهم على هذه العبادة؟ كان النبي عليه الصلاة والسلام يوقظ عائشة لقيام الليل، إذا أوتر قال: (قومي فأوتري يا عائشة) رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015