الاهتمام بالأهل واجب شرعي

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخواني الحاضرين والحاضرات، والمستمعين والمستمعات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم من المتجالسين فيه والمتذاكرين فيه والمتحابين فيه.

"أدرك أهلك قبل أن يحترقوا" أخذاً من قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:6] هذا الموضوع: يدور حول العناية بالأهل، والعناية بالأسرة، والسبيل نحو أسرة مستقيمة ومستقرة، موضوع يمس كل إنسان له أهل، أب وأم وزوجة وقريبة وأولاد وإخوان وأخوات، والاهتمام به طاعة لأمر الله واستجابة لداعي الله ورسوله، وإهماله يؤدي إلى فساد عظيم كما نشاهد ذلك في الواقع.

أهل الإنسان -أيها الإخوة- هم أصله ومحيطه وبيئته وردؤه المحامون عنه ومستودع أسراره وأعرف الناس به وأحرصهم على مصلحته في الغالب، ألم تر أن الله قال عند شقاق الزوجين: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء:35].

تربية الأهل والاهتمام بهم من قوله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] قال مجاهد: أوصوا أنفسكم وأهليكم بتقوى الله وأدبوهم، وهو اقتداء بأنبياء الله الكرام: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:90] {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} [مريم:54 - 55].

أيها الإخوة هذه الآية يجب أن تتردد في أنفسنا كثيراً وباستمرار: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] نادانا الله بنداء الإيمان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:6] قال قتادة: يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصيته، وأن يقوم عليهم بأمر الله يأمرهم به ويساعدهم عليه.

فإذا رأيت معصية ردعتهم، وزجرتهم عنها، قال الضحاك ومقاتل: حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم عنه كما في ابن كثير، وقال علي رضي الله عنه في الآية: علموهم وأدبوهم، ونقل القرطبي عن الكيا رحمه الله: فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير وما لا يستغنى عنه من الأدب.

إن الحديث عن تربية الأهل هو حديث عن تحصين حارسة القلعة، بل حراس القلعة جميعاً، إنه أمر بالمعروف: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً} [مريم:55] إنه صبر ومصابرة: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:132] إنه تعاون ومؤازرة داخل في عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] إنها مسئولية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) وقال: (إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ ذلك أم ضيع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) رواه النسائي وهو حديث صحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015