ثم إنه ينبغي على الداعية إلى الله، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا أصلح خطئاً في قولٍ أو فعلٍ في بقيته صحة، ألَّا يسارع إلى تخطئة كل القول وكل الفعل من باب العدل والإنصاف، وإنما ينكر موضع الخطأ فقط، ليكون موضوعياً عادلاً في إنكاره، ولذلك عندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بيتاً وفيه جويريات -أي: بنات صغيراتٌ- ينشدن ويقلن أبياتاً في رثاء من قتل من المسلمين يوم بدر، إذ قالت إحداهن: وفينا نبيٌ يعلم ما في غدِ، فقال: (دعي هذه، وقولي بالذي كنت تقولين) رواه البخاري (دعي هذه) لا يعلم الغيب إلا الله، لا النبي ولا غيره (وقولي بالذي كنت تقولين) فأقرها على ما كانت تقول، وأنكر عيها موضع الخطأ فقط.
إن هذا الفعل يجعل المدعو يتقبل من الداعية؛ لأنه يراه منصفاً، لم يخطئه في كل شيء، وإنما يخطئه في موضع الخطأ فقط.