إن من الأمور المهمة أيها الإخوة: إظهار الرحمة للمخطئ، كما جاء عن ابن عباس: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله! إني قد ظاهرت من زوجتي، فوقعت عليها قبل أن أكفر) والله سبحانه وتعالى أمر بالكفارة قبل الوطء للمظاهر الذي يقول لزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي، أو مثل أمي ونحو ذلك، فلا بد إذا أراد العودة إلى الزوجة لإتيانها أن يُكفِّر قبل إتيانها، والظهار خلقٌ ذميمٌ من أخلاق أهل الجاهلية، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (وما حملك على ذلك يرحمك الله؟ قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال: فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به) رواه الترمذي، وهو حديث حسن صحيح.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (يا رسول الله! هلكت، قال: ما لك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبةً تعتقها؟ قال: لا.
قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا.
قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا.
قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرقٍ -أي: زنبيل- فيه تمرٌ، قال: أين السائل؟ فقال: أنا.
قال: خذ هذا فتصدق به -هذا من رحمته وإعانته- فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟! فوالله ما بين لابتيها أهل بيتٍ أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك) إن هذا المستفتي لم يكن هازلاً، ولا مستخفاً بالأمر، بل إن تأنيبه وشعوره بخطئه واضحٌ من قوله: (هلكت) ولذلك استحق الرحمة.
وجاء في رواية أحمد مزيد توضيحٍ لحاله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن أعرابياً جاء يلطم وجهه وينتف شعره، ويقول: ما أراني إلا قد هلكت، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: وما أهلكك؟ قال: أصبت أهلي في رمضان) وفي الحديث أنه ذكر الكفارة له، وأعطاه إياها في آخر الحديث.