ومن تأملاته يقول: لولا الظلم الجائر ما حصلت الشهادة للشهيد، ولولا أهل المعاصي ما بلغت بلوى الصابر في الأمر بالمعروف، ولو كان المجرمون ضعفاء لقُهروا، فلم يحصل ذلك المعنى.
فلو قال أحد: الله سبحانه وتعالى يمكِّن لليهود والنصارى والكفار ويجعلهم أقوياء، وعندهم أسلحة، وعندهم وعندهم لماذا؟ نقول: لو لم يكن هذا، لما كان هناك شهداء؛ ولا كان هناك زيادة أجر ورفع درجة للمبتلين من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر؛ لأنه مَن الذي سيمتحنهم ويبتليهم؟ مَن الذي سيؤذيهم؟ من الذي سيحبسهم ويعذبهم؟ الفجار والكفار.
فإذاً لو كان الكفار دائماً ضعفاء، فاتت هذه المزايا، فلله في خلقه شئون وحكم! وكان يقول في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} [الأنعام:123] إنه على التقديم والتأخير، أي: جعلنا مجرميها أكابر.
ومن وصاياه لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال: اجتهد أن تستر العصاة، فإن ظهور معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب.