فأما السباق -أيها المسلمون- فإن الأصل فيه الجواز بالسنة والإجماع، أما السنة فروى ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم (سابق بين الخيل المضمرة من الحيفاء إلى ثنية الوداع وبين التي لم تضمر من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق) وهذه مسافة معلومة سابق فيها النبي صلى الله عليه وسلم -أي: أذن بالسباق فيها- والمسابقة سنة إذا كانت بقصد التأهب للقتال بإجماع العلماء ولقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال:60] وفسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي، وقد روى البخاري رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على قومٍ من أسلم ينتضلون فقال: (ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً) ولخبر أنس رضي الله عنه وأرضاه: (كانت ناقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضباء لا تسبق، فجاء أعرابيٌ على قعودٍ له فسبقها، فاشتد ذلك على المسلمين، وقالوا: سبقت العضباء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن حقاً على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه) قال الزركشي رحمه الله: وينبغي أن تكون المسابقة والمناضلة فرض كفاية؛ لأنهما من وسائل الجهاد، وما لا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب، والمسابقة في السهام آكد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ارموا واركبوا، ولأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا) وقال الترمذي -رحمه الله- حسنٌ صحيح، ومعناه أن السهام تنفع في السعة الضيق، بخلاف الفرس فإنه لا ينفع في مواضع الضيق؛ بل قد يضر، ولذلك يكره لمن تعلم الرمي أن يتركه كراهة شديدة، بل قد يكون حراماً لظاهر الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما إذا قُصدِتْ المسابقة لغير الجهاد، فالمسابقة حينئذ مباحة بالشروط الشرعية.
واعلموا رحمكم الله أن المسابقة تكون على جوائز وتكون على غيرها.