كان الشيخ محمد رحمه الله يحب شيخه عبد العزيز بن باز جداً، وقد اتصلت به مرة في مرض الشيخ عبد العزيز وحادثته في هذا، فقال عبارة: لا أرانا الله يوم فقده، فتعجبت من هذه العبارة، ولما مات الشيخ عبد العزيز اتصلت صباح اليوم التالي بالشيخ محمد فقلت له: بلغك الخبر، فقال: نعم، نِعْمَ الرجل، فرأيتها تطبيقاً عملياً لحديث: الثناء على الميت إذا بلغه الخبر (ومن أثنيتم عليه خيراً وجبت).
ثم سألته عن السفر للصلاة على الشيخ عبد العزيز فلم ير في ذلك بأساً، وسألته عن إبلاغ إمام المسجد جماعته في الوفاة، فقال: لم يكن من هدي السلف الإخبار عن وفاة كل ميت من قبل الإمام إلا صاحب الشأن في الإسلام.
وكان يحب الشيخ عبد العزيز وكانت له مكانة في نفس الشيخ محمد نفسه، فقد خلوت بالشيخ محمد مرة بعد وفاة الشيخ عبد العزيز أحادثه في موضوع الفتوى بعد الشيخ ابن باز، حال الفتوى، وكيف واقعها، فقال لي بمرارة: بعد الشيخ ابن باز ما عاد لنا رأس، هذا كلام الشيخ محمد.
وكان الشيخ عبد العزيز بن باز كذلك يحب الشيخ محمداً ويقدره قدره، وكنت في مجلس الشيخ عبد العزيز في الطائف، فكان الناس يأتون ويسلمون على الشيخ عبد العزيز وهو جالسٌ على كرسيه، فلما أخبر بقدوم الشيخ محمد بن عثيمين قام إليه، ولم أره قام لأحدٍ غيره، فاعتنقه، ورأيت وجه الشيخ عبد العزيز يتهلل بالبشر والسرور للقاء الشيخ ابن عثيمين، قال الشيخ محمد للشيخ عبد العزيز: الناس يسألوننا المعتكفين أو المعتمرين لأجل إكمال الطواف عن حكم الخروج من الحرم للصعود على السلم الكهربائي إلى السطح، فنقول لهم: إنما خرجتم لتدخلوا- يعني أنه لا بأس بذلك؛ لأنك خرجت لتدخل ولم تخرج لتخرج- فكان الشيخ عبد العزيز يسمع، وأقره على ذلك.
واستمر الشيخ -رحمه الله- في هذا العطاء العظيم حتى حلَّ به المرض.